توصيات بتطوير برامج تعليمية توضح الاستخدام الأمثل للإنترنت خوفًا من ارتباطه بمشاعر الحزن والتوتر والتفكير في الانتحار لدى المراهقين
المراهقة هي فترة انتقالية يُطلب فيها من الأفراد التكيُّف مع التغيرات الجسدية والعقلية والاجتماعية الجذرية؛ إذ يواجه المراهقون أزماتٍ مختلفةً تتعلق بالإجهاد الأكاديمي والعلاقات بين الأقران والتكيُّف مع المدرسة، ويفتقرون خلالها إلى ضبط النفس، ويعانون من عدم تشكُّل هويتهم الذاتية، ما يجعلهم أكثر تعرضًا للاستخدام المفرط للإنترنت.
لم تكن العبارة السابقة سوى فقرة من دراسة نشرتها مؤخرًا دورية “بلوس وان” (PLOS ONE)، محذرةً من ارتباط بين الوقت الذي يقضيه المراهقون في تصفح مواقع غير أكاديمية على الإنترنت من جهة وصحتهم العقلية من جهة أخرى.
وأوضحت الدراسة أن الاستخدام المفرط للإنترنت قد يكون له تأثيرٌ سلبي على الصحة العقلية المراهقين الذين يقضون وقتًا أطول في تصفح الإنترنت، ما يزيد احتمالات تعرُّضهم لمعدلات عالية من التوتر، وزيادة ملحوظة في الشعور بالحزن والتفكير في الانتحار.
ورغم تأكيد الدراسة لارتباط الاستخدام المفرط للإنترنت بالمشكلات الوجدانية والبدنية لدى المراهقين، إلا أن الباحثين أكدوا ضرورة إجراء مزيد من البحث للتحقق من العوامل الدقيقة التي تؤدي دورًا في هذا الارتباط.
عمل الباحثون على تحليل بيانات 29 ألفًا و811 طالبًا في المرحلة الثانوية تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عامًا شملهم استطلاع للرأي أُجري عام 2018 بمشاركة 60.040 طالبًا كوريًّا حول مخاطر سلوك الشباب فيما يتعلق بشبكة الإنترنت في كوريا الجنوبية.
واكتفى الباحثون بهذا العدد بعد استبعاد الطلاب الذين لم تنطبق عليهم معايير الدراسة الجديدة، وضمت عينة البحث 15 ألفًا و135 من الذكور و14 ألفًا و676 من الإناث، وتضمنت الدراسة أيضًا معلومات حول الاستخدام غير الأكاديمي للإنترنت، والصحة العقلية والخصائص العامة للطلبة.
وأظهرت النتائج أن الطلبة يقضون أكثر من ثلاث ساعات يوميًّا في المتوسط في تصفُّح مواقع غير أكاديمية على الإنترنت، وسجل استخدام الإنترنت أعلى معدلاته بين طلبة المراحل العمرية الأصغر سنًّا، والطالبات، والطلبة الذين ينتمون إلى مستوى اقتصادي منخفض، والطلبة ذوي المستوى الأكاديمي المنخفض مقارنةً بالمجموعات الأخرى.
تقول “يونج وان-ان” -الأستاذ المساعد بكلية التمريض بجامعة “تشونج-أنج” الكورية الجنوبية، والمشاركة في الدراسة- في تصريحات لـ”للعلم”: الطلاب الذين استخدموا الإنترنت بمعدل أقل كانوا أقل توترًا، وأقل شعورًا بالحزن، وأقل تفكيرًا في الانتحار، وذلك مقارنةً بالشريحة التي تستخدم الإنترنت بمعدل أعلى.
ويشير البيان الصحفي المصاحب للدراسة إلى أن “النتائج لا تثبت علاقة سببية بين استخدام الإنترنت والصحة العقلية، ولكن الباحثين يؤمنون بأهمية توفير الدعم الفعال والتدخلات اللازمة لتقليل مشاعر القلق والحزن لدى المراهقين، وأن البرامج التي تعزز الاستخدام الصحي للإنترنت وتستبدل باستخدام الإنترنت أنشطةً اجتماعيةً وبدنيةً وتساعد المراهقين على الحفاظ على علاقات اجتماعية جيدة، يمكن أن تؤدي دورًا مهمًّا في ذلك المجال”.
كما أظهرت الدراسة أن “الطلاب في كوريا الجنوبية يقضون نحو 193.4 دقيقة يوميًّا في المتوسط في استخدام الإنترنت في أغراض غير أكاديمية، وفق تقديرات عام 2018”.
تضيف “وان-ان” في تصريحات لـ”للعلم”: لم يتم تقييم المحتوى في استخدام الإنترنت، ولكن أظهرت دراسة كورية في عام 2019 أن الغرض الأساسي من استخدام الهواتف الذكية من قِبل المراهقين فى كوريا الجنوبية هو المراسلة، يليه استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وأخيرًا تحميل الألعاب.
ويوصي الباحثون بـ”تطوير إستراتيجيات فعالة تساعد المراهقين على حسن إدارة أوقاتهم فيما يتعلق باستخدام الإنترنت على نحوٍ فعال، وإتاحة البرامج الترفيهية التي من شأنها أن تحل محل الاستخدام المفرط للإنترنت، وتطوير البرامج التعليمية التي توضح سبل الاستخدام الأمثل للإنترنت.
المصدر: موقع للعلم