ماذا يحدث إن أُجبرت على تطوير كل شفراتك البرمجية Codes المفضلة والسرية والمملوكة لك في مستودع Github عام؟
بالتأكيد ستُنتقَد؛ سينتقد أقرانك هذه الشفرات البرمجية، وسيضعون تعريفًا فضفاضًا “للشفرة البرمجية السليمة”يتضمن كل شيء بدءًا بالملف وتنظيم الأصناف والتوثيق والاختبارات وتجنب وضع مفاتيح واجهات التطبيقات البرمجية API في الشفرة وتقليص اعتمادك على ” أمن المعلومات عبر الغموض” وحتى الجودة الفنية التي لا يوجد معيار لها.
سيفرض عليك التطوير علانية خلق شفرة جذابة وذات جودة عالية، وما يدفعك إلى ذلك هو رغبتك في إبهار الآخرين.
لعل هذا شيء جيد، لكن ماذا عن عملك التجاري؟ هل انفضحت كل أسرارك، فازدادت قوة منافسيك وتظن نفسك انتهيت؟
بمعنى أنه إن كانت شفرتك مفتوحة المصدر، فلن تكون ذات ميزة تنافسية، لأن منافسيك يستطيعون أيضًا عملها، وبالتالي عليك أن تضيف ميزة تنافسية جديدة لعملك. على سبيل المثال، إن أظهرت شركة Esty خفاياها كاملة للعلن، هل يستطيع منافس أن يحل محلها؟ بالطبع لا، لأنهم قد صنعوا سوقًا، يكون فيه حضور المشترين والبائعين أصلًا أوليًّا من أصول الشركة. وهل سيتفوّق منافس على فيسبوك لأنها فتحت الآن مصادر البنية التحتية لمركز معلوماتها، ؟ بالطبع لا. قيمة هاتين الشركتين لا يمكن تملّكها بالمال، ولهذا السبب هما قيّمتان.
قد تكون الميزة التنافسية التقنية ميزة دائمة في حالات نادرة، مثل جوجل (التي استمرت في الابتكار بسرعة عالية لدرجة أنه لم يسبقها أحد) أو لأي شخص يستطيع أخيرًا فك شفرة السيارات ذاتية القيادة. لكن هذه الحالات نادرة، فالمميزات التقنية متلاشية، لأن معظمها يمكن تقليده، بل عادة ما يكون التقليد أسرع وأرخص من المنتج الأصلي، وقد ثبت أن “الأسبق” ليس دائمًا “الأنجح” في السوق.
لذلك، العمل علانية يدفعك إلى خلق ميزة تنافسية دائمة.
ماذا عن الأسرار الشخصية بدلًا من التقنية؟
إن أعلنت عن مفردات راتب كل شخص في شركتك، لن تستطيع بعد ذلك المنافسة على الكفاءة على أساس التعويضات بمفردها. فإن لم تكن قادرًا على دفع زيادة 10 ألاف دولار في العام لنيل الموظف الكفء ذي الخبرة المناسبة، فسيدفعك هذا إلى بناء شركة حيث تريد الكفاءات العمل مع انخفاض الأجر. توجد العديد من الإرشادات التي توضح بناء بيئة مثل تلك، لكنها بوجه عام تتلخص في:
- الاستقلالية: أي حرية الاكتشاف، القدرة الكاملة على ابتكار حلول للمشاكل، والقدرة على برهنة هذه الحلول بالتنفيذ، مقابل تحمل مسؤولية النتائج)
- النمو: أي العمل على حل أحجيات ومشاكل شيقة، سواء شخصية أو مهنية، بالإضافة إلى تحقيق رحلة مهنية مُرضية، تنتقل من نجاح إلى نجاح،
- الهدف: أي لماذا يجب أن توجد هذه الشركة؟ لماذا تستحق بذل العناء لرؤيتها تنجح، بالإضافة إلى الثقافة، والقيم، ومتعة العمل مع الآخرين الذين تحبهم وتحترمهم.
لذلك، العمل علانية يدفعك إلى خلق شركة ذات ثقافة استثنائية ومنظمة ذات تمكين وهدف.
يعد كلٌّ من خلق ميزة تنافسية دائمة (بدون أسرار البرمجيات) وبناء ثقافة شركة تجذب وتستبقي الكفاءات المميزة لأسباب تتعدى الرشوة المالية مكونيْن حاسمين لخلق شركات تقنية مُعَمَّرة لا تعيق نموها ولا تمحو هويتها الشركات الناشئة ذات الفطنة والمال والمجتهدة في العملالتي ستظهر حتما في أي سوق كبيرة كفاية ليكون العمل فيها شيقًا.
لذلك عند إظهار كل شيء علانية، فأنت مجبر على تقديم “الأكثر قيمة” بالإضافة إلى تقديم “ما لا يمكن تقليده” سواء كان هذا يعني إتقان صنعتك أو إخفاء سر عملك أو جذب الكفاءات.
لا يزال من الممكن أن تعمل في السر، لكن ضوء الشمس ليس فقط المُطهِّر الأفضل، بل هو أفضل طريقة للتفوق في السوق.
ترجمة – بتصرّف – للمقال Building in public forces true competitive advantage لصحابه Jason Cohen.
حقوق الصورة البارزة محفوظة لـ Freepik
المصدر: أكاديمية حاسوب