عندما دقت الساعة 12 يوم 31 ديسمبر 2019 ، وانطلقت تغاريد أنشودة Auld Lang Syne في جميع أنحاء العالم ، لم يكن من المتخيل حتى لدى القلة أنهم سيقضون عامهم المقبل في احدى أكبر التجارب الفريدة على صعيد بيئة الأعمال على الإطلاق.
وفي الحقيقة ، كانت النتائج مفاجئة لدى الكثيرين في بداية الأمر. خاصة وأن المدراء كانوا قلقين جداً من حدوث انخفاض في مستويات الإنتاجية ، ولكن جاءت المؤشرات على النقيض من ذلك تماماً حينما كشفت الأبحاث أن الطلب على أدوات مراقبة الموظفين ارتفع بنسبة لا تُصدق حتى بلغت (87 %) خلال شهر أبريل ، ليتضح من خلال هذه الأرقام بأن التحدي الأكبر ينطوي على الإرهاق الحتمي للقوى العاملة التي باتت غير القادرة على معرفة ما إذا كانوا يعملون من المنزل أو يعيشون في بيئة العمل.
ويؤكد أحدث بحث أجرته مايكروسوفت حول “إعادة صياغة طرق العمل” ما كان يثير الجدل والشك لدى الكثيرون ، إذا أظهر بأن الموظفين بشكل عام أكثر إنتاجية أثناء العمل عن بُعد ، وهذا ما أيّدهُ (83 %) من القادة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا ، حيث أقروا أن معدلات إنتاجية شركاتهم خلال فترة نظام العمل عن بُعد متساوية وأحياناً تفوق نتائج النظام المكتبي السابق.
وعلى اثر تلك المعطيات ، أصبح القادة على دراية تامة بقيمة الحفاظ على نهج العمل الجديد الذي يتبع طرق أكثر تهجينًا ، وذلك ما ينتهجهُ الآن معظم العاملين في المنطقة ، الذين تركوا نظام العمل المكتبي خلف ظهورهم واتجهوا نحو تبني الأسلوب الجديد الذي يتيح مساحة عمل أكثر مرونة وخصوصية تُحرر الموظف من الشعور بالقيود الرسمية.
لحسن الحظ أن الجميع متفقون على أن مستقبل العمل سيتبنى النظام الهجين.
يوف \ر بحث مايكروسوفت الخاص “بإعادة صياغة طرق العمل” رؤى أساسية حول مستقبل العمل في الشرق الأوسط وأفريقيا
التحدي في الموازنة بين الإنتاجية والابتكار
في الواقع ، نظام العمل عن بُعد لا يخلو من بعض التحديات ، وهناك مفهوم خاطئ تم التخلص منه من قبل دراسة مايكروسوفت ، وهو أن الموظفين يواجهون بعض الانقطاعات أثناء العمل من المنزل. ولكن في حقيقة الأمر لاحظت القوى العاملة في جميع أنحاء المنطقة أن حوالي نصف يوم عملهم يُهدر حالياً بسبب انقطاعات العمل غير الضرورية. وفي التطرق بشكل خاص إلى الموظفين في تركيا فإن مشكلة إهدار الوقت خلال يوم العمل تصل إلى (60 %) بالمائة.
وعلى الرغم من وجود العديد من الفوائد المرتبطة بالتحول إلى نهج العمل عن بُعد ، إلا أن هناك العديد من العقبات الجديدة التي يتعين على المدراء التغلب عليها ، وربما يتمحور أكبر تلك المعوقات حول الحفاظ على الثقافة القوية للشركة.
وبالنسبة للعديد من قادة فرق الأعمال ، شكل هذا العام التحدي الأول الذي أجبرهم على تحمل مسؤولية إدارة الموظفين عن بُعد. إضافة إلى ذلك أكد الغالبية العظمى منهم بأن لم يمتلكوا من قبل المهارات اللازمة لإدارة بيئة العمل عن بُعد.
وعلى النفس هذا السياق أكدت شريحة كبيرة من المدراء في قطر بأنهم لم يتعلموا بشكل فعال كيفية تفويض وتمكين فرق الأعمال بشكل افتراضي. ويعتبر هذا الأمر مدعاة للقلق ليس فقط في قطر ، بل على صعيد كافة أنحاء المنطقة . ومن هذا المنطلق يكافح حالياً ما لا يقل عن (64 %) بالمائة من المدراء من أجل خلق ثقافة عمل مرنة لدى فريق العمل.
وقد يؤدي النقص العام في التماسك وضعف عملية تفاعل الموظفين في نهاية المطاف إلى خلق تحديات حول الاحتفاظ بالمواهب ، وإلى جانب ذلك سيكون هناك تأثير آخر يدور حول عجز القوى العاملة من الابتكار. وبكل بساطة لا يمكن للابتكار أن يزدهر في وسط بيئة لا يمتلك فيها الموظفين سوى فرص قليلة لمشاركة الأفكار الجديدة وتطويرها.
والسؤال هنا – هل يمكن للشركات الحفاظ على الإنتاجية مع عدم التضحية أو المساس بعنصر التعاون ؟
تكمن الإجابة في الشركات الأكثر ابتكارًا في المنطقة ، والتي لا تتمتع فقط بالتدفق الذهني الجيد ، ولكنها أيضًا تتفوق من حيث الإنتاجية وتفاعل الموظفين.
يمكن تعلم الكثير من هذه الشركات من خلال تحليل أوجه التشابه الرئيسية في ثقافات مكان العمل. وفعلياً هناك ثلاثة مجالات رئيسية تميز أماكن العمل المبتكرة.
تمكين الموظفين
يبدأ الطريق نحو تحقيق مزيد من الابتكار عن طريق الموظفين المتمكنين الذين يمكنهم اتخاذ قرارات مستقلة بثقة والتعبير عن آرائهم بأريحية تامة. وبالنسبة للمدراء في المستوى المتوسط من الإدارة ، فإن وضع ثقة أكبر في موظفيهم والتواصل معهم يعتبر هو مفتاح النجاح. مع العلم يميل المدراء داخل الشركات المبتكرة إلى التعامل مع وظائفهم بشكل مختلف عن أولئك العاملين في الشركات الأقل ابتكارًا. حيث إن هذه العملية من شأنها تيسير الحوار المنتظم والمفتوح ، وتتيح للموظفين حرية التعامل مع أدوراهم ومسؤولياتهم بالطريقة التي يفضلونها.
في الوقت نفسه ، يعتبر غالبية كبار القادة في هذه الشركات بارعون في تقديم توجيهات واضحة ، حيث أعرب حوالي (76 %) بالمائة من الموظفين في الشركات المبتكرة أن هناك رؤية مشتركة قوية داخل الشركة. وأفاد (73 %) بالمائة آخرون بوجود شعور قوي بالانتماء.
البراعة في الحصول على نتائج أفضل
تعد أماكن العمل المبتكرة بيئة جيدة للحفاظ على وقت تركيز الموظفين. وصرح حوالي (55 %) بالمائة من القوى العاملة في هذه البيئات إنهم قادرون في كثير من الأحيان على الدخول في حالة التدفق الذهني. في حين أشار (24%) بالمائة فقط إلى نفس الشيء في الشركات الأقل ابتكاراً.
هذا أمر بالغ الأهمية لأنه عندما يتمكن الموظفون من وضع انتباههم وجهودهم الكاملة في مهمة ما ، فإن ذلك يؤدي إلى عوائد متفوقة ، ويوفر لهم أيضاً في ذات الوقت شعوراً أعمق بالرضا والسعادة. ومن الجدير بالذكر أن معظم الموظفين القادرين على العمل في حالة التدفق الذهني قادرين على تقديم حلولًا بشكل استباقي لمواجهة التحديات ، ومن المرجح أيضاً أن يقترحوا طرقاً أكثر فعالية للعمل مع مدرائهم.
وتتضمن الخطوات العملية التي يمكن للمدراء اتباعها لحماية وقت التركيز، هو تشجيع الموظفين على جعل اول الصباح كالوقت المدوّن في يومياتهم للتركيز التام في العمل، حيث إن الناس عموماً يجدونه الوقت الأسهل والأنسب للتركيز. طريقة أخرى أيضاً وهي تخصيص وتحديد الاجتماعات لفترة ما بعد الظهر، لأنه الوقت الأقل تفضيلاً بين الناس من حيث القدرة على التركيز في العمل.
الإدارة الوسطى تمتلك المفتاح
من أهم المجالات التي يجب التركيز عليها من أجل زيادة الابتكار بشكل كبير هي فعالية الإدارة الوسطى. وما يثير القلق تجاه هذا الأمر أن ما يقرب من ثلث المدراء من المستوى المتوسط للإدارة أفادوا بأنهم لا يحصلون على الدعم الذي يحتاجونه من القيادة العليا ، ويعود ذلك على الأرجح نتيجة انشغال الإدارة العليا في مواجهة التحديات المتنامية لاستمرارية الأعمال.
ومع شعور المدراء بشكل واضح بأنهم ليسوا مستعدين تماماً لقيادة فرق الأعمال عن بُعد ، فإن مساعي التدريب المستمر من المدراء أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى. ومن المثير للاهتمام أن هناك فرصة كبيرة أمام الشركات التي تركز على تعزيز مهارات قادة فرق الأعمال لديها.
وبالنظر إلى قادة الابتكار في جميع أنحاء المنطقة ، من الواضح أنه من الممكن في مكان العمل الهجين منح الموظفين المرونة التي يحتاجونها ليكونوا منتجين قدر الإمكان ، مع الاستمرار في خلق مساحة للابتكار لتزدهر. وإن النجاح سواء كان عبر الإنترنت أو في المكتب ينبع بالأساس من التواصل البشري ، والمبدعون الحقيقيون هم أولئك الذين يجلبون شعوراً بالصداقة والثقة في مكان العمل المستقبلي.
لمزيد من المعلومات حول تمكين سياسات العمل عن بُعد والعمل الهجين، قم بتحميل الكتاب الإلكتروني Work Reworked لقادة الأعمال والموظفين في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
المصدر: موقع Microsoft