كثير من الأصدقاء يرسل لي استفسارات عن كتب مفيدة بهذا الموضوع أو مرجع حول موضوع آخر. عادة أشعر بتضارب داخلي عندما أقرأ هذه الطلبات لأنه من اللباقة أن أقدم مرجعاً ما فقط من باب أنني لم أتجاهل الطلب وإذا قمت بشرح ما سأشرحه الآن سيظن الشخص السأل أنني لا أريد مساعدته.
المعرفة رحلة أشبه برحلة القطار فيها محطات هنا وهناك تأخذك السكة الحديدية عبر أنفاق وجبال لكن لايوجد محطة نهائية. المحطة النهائية هي الموت. لكن قبل ركوب هذا القطار يجب أن يجهّز المسافر بعض المسلتزمات الضرورية جداً في رحلته.
يوجد مقولة تقول “لا تعلم الأطفال ماذا يتعلمون – علمهم كيف يتعلمون”. هذا أيضاً ينتطبق علينا جميعاً وقبل أن نبدأ برحلة المعرفة يجب أن نتعلم كيف نحصل على هذه المعرفة.
على فرض أنني مهتم بموضوع الطاقات الروحية وأريد البحث إن كانت الطاقات الروحية صحيحة وعلمية أم أنها مجرد علوم زائفة فأنا لا يمكنني أن أسأل شخص لا يقبل بعلم الطاقات الروحية أن يقترح علي كتاب حول الموضوع لأنه سيقترح كتاب ينفي الطاقات الروحية بحكم أن لديه استنتاج مسبق حول الموضوع، في المقابل لا يمكنني أن أسأل شخص يقبل بالطاقات الروحية أن يقترح لي كتاب لأنه سيقترح كتاب يؤيد الفكرة.
هذه المشكلة تضع الباحث بمعضلة في بداية الرحلة إذ أنه لا يمتلك رصيد علمي يكفي لرصد الهراء فيقوم باستثمار وقته وجهده بشكل عشوائي قد يكون مصيب أو مخيب. تارة يقرأ كيف الفضائيون بنوا الأهرامات وتارة آخرى يقرأ عن قدرة الجيش الأمريكي في التحكم بالطقس أو يقرأ عن حضارة المايا وقدراتها الفكلية في التأريخ فلا يستطيع التمييز بين ماهو صحيح وماهو خاطئ.
أقترح على كل من هو مهتم بالبحث والمعرفة الذاتية أن يبدأ بدارسة المغالطات المنطقية. يوجد حوالي ٣٠٠ مغالطة منطقية (رسمية وغير رسمية) ستكون بمثابة محي نظام التشغيل في مخ الباحث وإعادة تنصيب نظام تشغيل جديد مطور قادر على التحليل النقدي.
بعد الإطلاع على المغالطات المنطقية أنصح بأن يبحث بفلسفة العلوم وفهم الفارق بين المحتوى العلمي والمنهج العلمي حيث أن المحتوى العلمي اليوم لن يكون كما هو غداً لكن المنهج العلمي هو أدات الحصول على هذه المعلومات وبناء هذا المحتوى.
الخطوة التالية هي الإطلاع على نظرية المعرفة أو ما تسمى الإبيستيمولوجيا والتي تشرح كيف يحدث الحصول على المعرفة وتوضيح بعض الأخطأ مثل يقينية الأفكار وماهو الفرق بين المعرفة بالشئ أو الإيمان بالشيء.
هذه العملية قد تستغرق بضعة شهور لكن بعد اتمام هذا الخطوات يصبح بإمكان الباحث عن يستقل قطار المعرفة. المرور بهذه الخطوات يطور جهاز مناعة ضد الهراء والثرثرة ويعطي ثقة بأن عدم المعرفة بالشيء ليس إثم أو عيب وإنما خطوة أولى في الحصول على المعرفة.
لن أقدم اقتراحات حول كتب عن المغالطات المنطقية أو شيء مذكور هنا.
ابحث عنها، ستجدها.
المصدر: موقع علومي