ثناء سعيك لاكتشاف مدى معقوليّة فكرتك التّجاريّة، ستحتاج إلى البحث في العديد من مجالات المفهوم. فحص الفرصة هو العمليّة الّتي يتّبعها روّاد الأعمال لتقييم أفكار المنتجات الابتكاريّة، والاستراتيجيّات، والتوجّهات التّسويقيّة، بالتّركيز على جدوى المصادر الماليّة، ومهارات الفريق الرّيادي، والمنافسة، ويساعد هذا الفحص على تحديد احتماليّة النّجاح في تطبيق الفكرة، كما يمكنه المساعدة في تحسين التّخطيط.
سنشرح فيما يلي كيفية القيام ببحث الفرص الريادية المحتملة، خطوةً بخطوة، مع تحديد أهم أسباب فشل بعض المؤسسات، والتي عليك طبعا العمل على تجنبها. إلى جانب وضع مجموعة من الأمثلة الواقعية، لتسهيل الأمور عليك.
مصادر معلومات البحث المعتادة
عندما تنطلق في البحث عمّا إذا كانت فكرتك قابلة للتّطبيق أم لا، فإنّ من الأماكن الجيّدة للانطلاق؛ قائمة المصادر المقترحة من قسم إدارة الأعمال الصّغيرة، في وزارة التّجارة، أو وزارة الدّاخلية؛ فهذه المواقع تقدّم -عادةً- معلومات حول عدد السّكان في منطقتك، وكذا إحصاءات حول الاقتصاد، والتّجارة، وبالنّسبة لأغلب روّاد الأعمال، فإن البحث يشمل العملاء المحتملين، وبالأخصّ عملاءك المستهدفين؛ وذلك بطرح أسئلة حول ما يروقهم، وما لا يروقهم، وكيف يمكن تحسين منتج، أو خدمة ما، وكيف يمكن تحسين تجربة الشراء، وحتّى بسؤالهم عن الأماكن الأخرى الّتي يفضّلون اقتناء منتجاتهم، أو خدماتهم منها بدل شركتك.
يمكن لمسوّقي الأعمال الصّغيرة استخدام طرائق قليلة التّكلفة، أو حتّى مجانيّة؛ لإجراء بحوثهم، بما في ذلك سبر الآراء، والاستبانات، ومجموعات الدّراسة، والحوارات المعمّقة، وبالطّبع، فإنك لا تحتاج أن تكون خبيرًا بأيٍّ من هذه المجالات، إذ يمكن أن يقدّم لك قسم الأعمال الصّغيرة في بلدك -كما هو الحال في الولايات المتّحدة مثلًا- المساعدة الّتي تحتاجها بهذا الخصوص، كما يمكن أن تتلقى المساعدة من جامعة، أو مركز جامعي محليّ.
ستبدأ -غالبًا- عبر البحث الثّانوي، وهي المعلومات المتوفّرة بالفعل عبر مصدر منشور، وربّما تكون مقالات، أو تقارير بحث، أو مصادر إنترنت موثوقة، حيث يمكنك البحث عن معلومات حول صناعتك، ومنتجاتك، وعملائك، وإذا امتلكت المال الكافي، فيمكنك أن تشتري تقارير الأبحاث من الشّركات الّتي تتخصّص في جمع المعلومات، حول مواضيع، أو منتجات محدّدة، كما أن هذا البحث الثّانوي يتميّز بسهولة، وسرعة الحصول عليه، غير أنّه ليس متخصّصًا بشكل كاف، ليقدّم لك كلّ التّفاصيل الّتي تحتاج إلى معرفتها حول فكرتك، إذ يمكن للبحث الثّانوي -مثلًا- أن يطلعك على عدد العملاء الذين يشترون الغسول، ومن أين يشترونه، وما هي العلامات الّتي يشترونها، ولكن إذا أردت -مثلًا- معرفة ما إذا كان العملاء يستخدمون الغسول ذاته، أو معالج شعر مختلفًا، أو تركيبة من منتج غسول، ومعالج؛ فحينها عليك القيام بالبحث الأوليّ، وتظهر فائدة هذا الأخير عندما لا يتطرّق البحث الثّانوي إلى الأسئلة الّتي ترغب في استكشافها، أثناء التقصّي حول فكرة مشروعك.
يجمع البحث الأوليّ معلومات لم تكن متوفّرة من قبل، وهي معلومات مخصّصة لمنتجك، أو عملك، أو عميلك، ويستغرق جمع هذه المعلومات الأوليّة وقتًا، ومالًا، ومن الطّرائق المستخدمة في جمع معلومات البحث الأوليّ:
- تطوير استبانة استقصائيّة.
- استخدام متسوّقين سريّين.
- استعمال مجموعات الدّراسة.
ويمكن أن تكون أسئلة الاستبانة سهلة، مثل بطاقة تعليق للعميل، مطبوعة على وصل الشّراء، كما يمكن أن تجعلها متعمّقة، تمتدّ إلى عشرات الأسئلة التّفصيليّة؛ أمّا عن المتسوّقين السريّين، فيمكن توظيف خدمة تسوّق، أو الاستعانة بالأصدقاء، وأفراد العائلة، أو حتّى عملائك، وطريقة عمل هذه الاستبانة سهلة، إذ يمكنك أن تزوّد أحدهم ببطاقة هديّة، ليصرفها في محلّك، على أن يعلّق على نوعيّة المنتج، والخدمة، وقضايا أساسيّة أخرى.
البحث في الفرصة الريادية، والتحقق منها
سواء بدأت نشاطك التجاريّ الخاصّ، أو اشتريت نشاطًا جاهزًا، أو تعاقدت مع صاحب امتياز؛ يبقى البحث في الصّناعة، والسّوق المستهدفة، وفحص الخيارات الاقتصاديّة، والتّموينيّة، جزءًا من الاستقصاء اللّازم، أو ما نسمّيه المراجعة الواجبة، ونعني بهذا الأخير عملية اتّخاذ الخطوات المنطقيّة، للتحقّق ممّا إذا كانت قراراتك مبنيّة على معلومات دقيقة، وتامّة، من حيث البحث، والاستقصاء اللاّزم، وبمعنى آخر؛ هو إجراء بحث شامل حول الخيارات المحتملة، وطرح الأسئلة المفصّلة، والتحقّق من المعلومات.
ولكلّ صناعة استقصاؤها اللاّزم الخاصّ بها؛ إذ ينطوي في المجال القانونيّ -مثلًا- على فهم شروط العقود، والتّعاملات، فيما يشير في مجال تمويل الأعمال إلى زيادة رأس المال، أو العمل اللاّزم، تحضيرًا لتعاقدات الدّمج، والاستحواذ، وهو في ميدان ريادة الأعمال؛ البحثُ الضّروريّ للتحقّق ممّا إذا كانت فكرةٌ مَا فرصةً فعلًا، مع أخذ عمليّة بدء، وتمويل المشروع كاملة في الحسبان.
من الأسئلة الشّائعة والّتي على روّاد الأعمال طرحها: “هل الوقت مناسب الآن لبدء نشاط تجاري؟” سؤال التّوقيت هذا ينبغي معالجته في الاستقصاء؛ لتحديد ما إذا كانت الفكرة مثيرة للاهتمام وحسب، أم أنّها بالفعل تناسب شروط الفرصة الرّياديّة.
يمكن للفكرة أن تتحوّل إلى فرصة مدرَكة إذا حقّقت الشّروط التّالية:
- طلب كافٍ في السّوق.
- بنية، وحجم السوق مهمَّان.
- هوامش ربح، وموارد كافية؛ لدعم نجاح المشروع.
الطلّب الكافي في السّوق؛ يعني أنّ للفكرة قيمة بتقديمها حلّ مشكلة يُقبل السّوق المستهدف على ابتياعها، ويمكن أن تأتي هذه القيمة من منتج، أو خدمة جديدين، يملآن حاجة غير ملبّاة، أو ثمنًا أقلّ، أو فوائد محسّنة، أو قيمة ماليّة، أو معنويّة أكبر، كما يمكن لهذه القيمة -أيضًا- أن تتأتّى من استغلال جانب “غير مستهلك” من منتج، أو خدمة ما، ومثال ذلك ما فعلته شركة ديزني خلال ثمانينات القرن الماضي؛ إذ أدركت أنّها تخسر فرصة استقبال زوّار في مدن ملاهيها بين التّاسعة مساءً، والتّاسعة صباحًا، لأنّ أبوابها كانت مغلقة خلال ذلك الوقت، فأدرجت في جدول مواعيدها “اللّيالي المدرسيّة” حيث يمكن للطّلبة، والمدارس زيارة حدائق الألعاب ليلًا بمقابل أقلّ من المعتاد.
بنية، وحجم السّوق المهمّان يتطلّبان نموًا محتملًا، ودوافع طلب المنتج، أو الخدمة، بحيث تكون عواقب الدّخول معقولة، فلا يكون دخول الصّناعة، أو إنشاء واحدة جديدة شديد الصّعوبة، فإن كانت الصّناعة موجودة سلفًا، فلا بدّ أن يكون فيها مساحة كافية لمشروعك، بحيث يأخذ حصّته من السّوق، بتقديم قيمة تخلق تفوّقًا تنافسيًّا.
الهوامش، والموارد الكافية تتضمّن احتمال تحقيق هوامش ربح بمستوى عال وبشكل كاف، مقارنة بالعمل المتوقّع لبدء المشروع، بما في ذلك وقت وجهد رائد الأعمال، بحيث تستحقّ المخاطرةُ الإتيانَ بها، أمّا إذا كانت التّكاليف التّشغيليّة عالية جدّا، مقابل هامش ربح جدّ ضعيف، فمن المهمّ تحليل ما إذا كانت الفكرة قابلة للتّنفيذ أصلًا، وتتضمّن الهوامش الكافية -أيضًا- متطلّبات رأس المال، وكذا المتطلبّات التّقنية، وتعقيدات نظام التّوزيع، والموارد المماثلة.
الشكل 4.5: لا نعترف بالفكرة فرصةً إلاّ إذا تحقّقت هذه الشّروط فيها.
إنّ تحديد ما إذا حقّقَتْ فكرةٌ مَا تلك الثلاثة الشّروط، إنّما يمثّل ذلك أبسط الاهتمامات عند فحص ما إذا كانت فكرة العمل فرصةً رياديّة، ولكن تذكّر أنّ هذه الشّروط مبنيّة جزئيًّا على إنشاء مشروع ربحيّ، فإذا كان مشروعك الرّيادي مركّزًا على حلّ مشكلة مجتمعيّة، فأنت تحتاج إلى معرفة ما إذا كانت المشكلة المحدّدة واقعيّة، وما إذا كانت حقّا تحتاج إلى حلّها.
ترتبط البنية، والهوامش الرّبحية الكافية في المشاريع الرّبحية، بتوقّع أنّ يدرَّ المشروع أرباحًا معتبرة مع هوامش ربحية كافية للاستدامة، والتطوّر، على أنّ هناك أمثلة لمشاريع ربحيّة لم تحقّق أيّ مبيعات، مثل يوتيوب، ولكن كان ثمّة توقّع بأنّ حصد يوتيوب، أو بيعه، سيحقّق ربحًا معتبرًا للفريق الرّيادي، وهو ما حدث فعلًا بعد سنة، ونصف -فقط- من بدئه، إذ استحوذت عليه جوجل مقابل 1.65 مليار دولار.
بعد أن يتأكّد رائد الأعمال من أنّ فكرته فرصةُ رياديّة، فإنّ عليه طرح المزيد من الأسئلة المفصّلة في المرحلة التّالية من فحص النّشاط التّجاري، وهذه بعض الأمثلة عنها:
- هل سيقدّر الآخرون منتجك، أو خدمتك؟
- هل يحلّ منتجك، أو خدمتك مشكلة معتبرة؟
- هل سوق هذا المنتج/الخدمة خاصّ، أو محدّد؟
- هل في السّوق احتياجات، أو توقّعات فريدة، تتوافق مع فرصتك الرّياديّة؟
- هل التّوقيت مناسب لبدء مشروع؟
- هل من بنًى تحتيّةٍ، أو مصادر دعم، ينبغي تسويقها قبل إطلاق مشروعك؟
- ما هي الموارد اللاّزمة لبدء مشروعك؟
- ما هو الامتياز التّنافسيّ الّذي يعرضه مشروعك في ميدانه؟ وهل هذا الامتياز التّنافسي مستديم؟
- ما هو الجدول الزّمني بين بدء مشروعك، وتنفيذ أوّل عمليّة بيع؟
- كم من الوقت يستغرق مشروعك قبل أن يصبح مربحًا؟ وهل لديك الموارد الكافية لتطبيق هذا الجدول الزّمني؟
من أفضل النّقاط الّتي يمكنك الانطلاق منها في بحثك الفاحص لفرصتك؛ أن تبدأ بالاطّلاع على المعلومات السكّانية في السّوق الّذي تستهدفه، و هي عبارة عن مخرجاتٍ إحصائيّة عن السكّان، مثل: أعراقهم، وأعمارهم، وجنسهم.
عادة ما تقوم الحكومات بجمع معلومات تركيبيّة عن الفئات السّكانيّة، وهذا يمنحك صورة عن سكان قريتك، أو مدينتك، وهذه المعلومات الحكوميّة تزودك بصورة تفصيلية، وأخرى مجملة عن السّكان، كالعمر، والجنس، والعرق، والمدخول، ومعلومات مفيدة أخرى.
إذا كنت تنوي على سبيل المثال افتتاح متجر بوظة جديد، مع نكهات مميّزة يفضّلها الصّغار، فيمكنك الاستعانة بمعلومات التّركيبة السّكانيّة لمعرفة عدد الأطفال المقيمين بالمنطقة، ونسبة الأولاد إلى البنات، وأعمارهم، ومستويات الدّخل العامّة للعائلات في المدينة، فهذه المعلومات ستساعدك على تحديد حجم السّوق، والمستهلكين المحتملين، ومستويات الدّخل، والمعلومات السكانية (الدّموغرافية) المهمّة الّتي يمكن أن تناسب مواصفات المستهلك المحتمل، كما أن هناك معلوماتٍ أخرى عليك جمعها بالطّبع، مثل: نسبة السكّان الّذين لا يستطيعون تناول البوظة (بسبب عدم قدرتهم على تحمّل اللاّكتوز)، وإذا كانت نسبتهم معتبرة، فقد تكون هذه الفرصة الّتي تحدّدها: حيث يمكنك فتح محلّ للبوظة الخالية من اللاّكتوز، أو توسيع محلّك بتوفير نكهات متنوّعة من البوظة الخالية من اللاّكتوز، هذا، وتساعد معلومات التّركيبة السّكانيّة -أيضًا- على تحديد مكان مشروعك الرّيادي، فإذا كانت البوظة الخالية من اللاّكتوز مرتفعة الثّمن بسبب مكوّناتها، فبالتّأكيد لن ترغب في افتتاح محلّك في منطقة منخفضة الدّخل.
ثمّة كمّ هائل من المعلومات، والمعطيات المتوفّرة عبر الإنترنت، والّتي يمكن أن تساعد على نجاحك، باتّخاذ قرارات مبنيّة على البحث، في الوقت الذي تستكشف فيه إمكانيّة افتتاح مشروعك النّاجح، كما يمكنك اقتناء معلومات أكثر تفصيلًا عن المستهلكين عبر إحدى الشّركات الّتي تجمع المعلومات عن التّراكيب السّكانيّة، وأنماط حياة المستهلكين، وعقليّاتهم، وتصرّفاتهم.
بعد تحليل المعلومات السكانية؛ يمكن لرائد الأعمال تطوير، وإجراء بعض الأبحاث البسيطة، الّتي تتراوح ما بين ملاحظات المستهلكين، إلى التسوّق لدى المنافسين المحتملين، كما يمكن لروّاد الأعمال -أيضًا- اكتشاف فرص نشاطات تجاريّة عبر طرح الأسئلة على عملائهم، والاستماع إلى إجاباتهم إذا كانوا يعملون في الصّناعة الّتي ينوي استهداف سوقها، أو في صناعة مشابهة لها، ويمكن أحيانًا لاستبانة بسيطة، وقليلة التّكاليف، أن تكشف عن كثير من المشاكل، والفرص، كما يمكن بالطّبع أن يجمع روّاد الأعمال المعلومات باستخدام حسابات مواقع التّواصل الاجتماعيّ، وسجلاّت المبيعات.
تخيّل -مثلًا- متجر ملابس يحتفظ بقاعدة بيانات عملاء مفصّلة، كان يستخدمها لطلب الألوان، والأحجام الّتي قد يرغب بها العملاء، فيستغلّ مستشار تسويق قاعدة البيانات تلك، حيث يكتشف أنّ بعض العملاء لم يعودوا إلى المتجر منذ سنة، أو أكثر، وبعد التّحقيق يكتشف أنّ خللًا في الخدمة أدّى إلى ذلك، ممّا ضيّع على المحلّ آلاف الدّولارات من المبيعات؛ وبناء عليه تطوّر إدارة المحلّ حملة تسويقيّة مستعينة باكتشافات المستشار، فتستعيد عملاءها القدامى، وتكتسب آخرين جددًا، ممّا يرفع المبيعات رفعًا معتبرًا.
ومن هنا فإن الدّرس المستفاد هو أنّ البحث مهمّ في مراحل النّشاط التّجاري كافةً؛ قبل أن تبدأه، وفي كلّ مرحلة تلي ذلك، وقد تتغيّر الأسواق بقدوم، أو رحيل النّاس من المنطقة، وكذا بتغيّر الأنماط، والتّفضيلات عبر الوقت، كما يمكن للتّقنية أن تؤثّر تأثيرًا كبيرًا فيما يرغب العملاء في اشترائه، كلّنا يعلم ما حدث لنوكيا (Nokia) و(بلوك باستر) Blockbuster نتيجة إهمالهما مواكبة التّقنية، ذلك أنّ المتابعة الدّائمة للتغيّرات في المحيط الخارجي، وحلبة التّنافس، هو نشاط دائم يدعم النّجاح المستمرّ للمشروع.
ويمكن -أيضًا- لروّاد الأعمال الحصول على المعلومات من وكالات التّنمية الاقتصاديّة، أو الغرفة التّجاريّة، أو مركز تطوير الشّركات الصّغيرة، بل وحتّى أمين مكتبة جامعتك، يمكنه أن يدلّك على المصادر المتاحة لديه، والمصادر الأنسب للبحث في سؤالك، ومجال التّركيز في فكرتك.
رائد أعمال في الميدان
شركة إيلون ماسك SpaceX
شهد العالم كثيرًا من المنتجات الّتي وعدت بقفزات تاريخيّة هائلة، ثم آلت إلى الفشل، لكنّ شركة SpaceX إحدى شركات رائد الأعمال الجنوب إفريقيّ المقيم في الولايات المتّحدة الأمريكيّة إيلون ماسك -حادت عن تلك القاعدة؛ إذ يمكنك أن تقرأ على صفحتها الرّسميّة أنّها تعرض بريدًا إلكترونيًّا لحجز رحلات إلى الفضاء! وهذا ليس من نسج الخيال، ولا الأمل الواهم، بل هو نتاج عمل، وإصرار، وتجارب طويلة، غيّرت مفهوم السّفر إلى الفضاء، ولعلّ أهمّها المقدرة على إعادة استخدام الصّواريخ (أو أغلى أجزائها على الأقلّ) في رحلات لاحقة، وهو ما يخفض تكلفة السّفر إلى الفضاء خفضًا هائلًا.
وقد كانت رحلة “فريق التنّين” (بوب بنكن، وداج هيرلي) في أواخر شهر مايو 2020 إلى محطّة الفضاء الدّوليّة، وعودتهما إلى الأرض يوم الأحد 02 أغسطس 2020 نجاحًا باهرًا في نموذج إيلون ماسك للرّحلات الفضائيّة، سيفتح المجال للرّحلات التّجاريّة، والشّخصيّة قريبًا.
كما تطمح الشّركة إلى مشروع هائل آخر؛ هو تطوير إنترنت منشور عبر الأقمار الصّناعيّة، وقد نجحت حتى أغسطس 2020 بفضل صاروخها Falcon 9 في إطلاق 653 قمرًا صناعيًّا تحلّق في مدار الأرض، وعلى ارتفاع 550 كلم، وستدخل الخدمة حيّز التّنفيذ أواخر 2020 في الولايات المتحدة، وكندا، على أن تتوسّع سنة 2021 لتشمل العالم بأكمله.
الشّكل 6.5 فريق التنّين المكوّن من رائدي ناسا للفضاء Bob Behnken وDoug Hurley.
ماذا ينبغي أن تفعل إذا لم تتوفّر الثلاثة الشّروط في فكرتك، لكنّ شغفك بتطويرها إلى فرصة، ومشروع جديد، لا يزال قويّا؟ هذا -أيضًا- جزء من العمليّة الرّياديّة، فأنت -كونك الرّيادي القائد- مسؤول عن مهمّة تحديد العوائق أمام تحويل فكرتك إلى فرصة، والإجراءات اللاّزمة لتجاوز تلك العوائق، ويمكن أن يعني هذا، تعديل الفكرة، أو إضافة خصائص جديدة، أو حتّى التخلّص من بعض الخصائص، على أن تزيد إضافة الخصائص في قيمة، أو نفع المنتج، أو الخدمة، ويقلّل حذفها من تكلفة الإنتاج، أو يقلّل من تعقيد استخدامه.
لا تنس أثناء بحثك، التحقّق من كون فكرتك فعلًا فرصة رياديّة، وأن تبحث في قوانين منطقتك، وتنظيماتها، فأنت ملزم باتّباعها في عملك، وكذا اقتناء أي تراخيص، أو أذونات ضروريّة لأداء نشاطك، كما عليك التقرّب من الحكومة، أو الإدارات المحليّة للاستفسار عن أيّ تنظيمات إضافيّة.
تشير كثير من التّقديرات إلى أنّ نصف النّشاطات التّجاريّة الجديدة ستندثر خلال 5 سنوات، لكنّ البحث الجيّد يمكنه مساعدتك على تلافي التحول إلى مجرّد رقم إحصائي، وقد تبدو هذه الحقيقة في ظاهرها مرعبة، لكن من ورائها نتائج إيجابيّة، إذ إنّ بعضها يندمج في شركات أكبر، أو تباع لها، كما يجب ألا نغفل أنّ بعض روّاد الأعمال يبدؤون مشاريع رياديّة، مع سابق علمهم بأنّ نجاحها قصير المدى، وتوقّعهم بأن تعوّض التّقنية الجديدة الفراغ الّذي سدّوه، وفي هذا السياق فإن أغلب روّاد الأعمال ليسوا بالمخاطرين، لكنّهم يعون جيدًا أنه لا توجد ضمانات ما مع بدء أي مشروع ريادي جديد، لهذا يميلون إلى القيام بمخاطرات محسوبة، مبنيّة على أفضل البحوث الّتي يمكنهم إجراؤها، ولكن في مرحلة ما، يدرك رائد الأعمال أنّه -ورغم كلّ البحوث الّتي أجراها- لا يزال عليه اتّخاذ قفزة ما عند بدء مشروعه الجديد.
لماذا تفشل المؤسّسات الصّغيرة؟
لماذا يختفي نصف المؤسّسات الصّغيرة الجديدة، أو أكثر من النّصف بعد 5 سنوات؟
لقد عدَّدَ معهد النّشاطات التّجاريّة الصّغيرة في جامعة توماس بولاية ماين الأمريكيّة عوامل -نذكرها في الجدول 5-1- على أنّها أكثر الأسباب في فشل المؤسّسات الصّغيرة:
السبب | الوصف |
---|---|
قلّة المبيعات | قد يبالغ رواد الأعمال في تقدير المبيعات، معتقدين أنّ بإمكانهم أخذ مبيعات من منافسيهم الأقدم منهم. |
قلّة الخبرة | إن إدارة نشاط تجاري عمل شاقّ، وخاصّة إذا كان نشاطًا جديدًا، فمن الصّعب التّحضير جيّدا لما هو غير متوقعّ. |
رأس مال غير كاف | عند حساب ما تحتاج إليه من مال لبدء نشاطك التّجاري، تأكّد من أن تأخذ بالحسبان الوقت الّذي تحتاجه الشركة للوصول إلى نقطة التّعادل، وأضف بعض المال الاحتياطيّ لوقت الحاجة حين يحدث ما لا تتوقّعه. |
موقع سيّء | الموقع بالنّسبة لبعض النّشاطات أمر جوهريّ. |
سوء إدارة المخزون | المبالغة في الإنتاج، والتّخزين تؤدّي إلى قلّة الموارد الماليّة للتّسويق، والخدمات المهمّة الأخرى. |
الاستثمار المفرط في الأصول الثّابتة | خاصّة عند بدء الشّركة، لذا اعتمد على كراء الأجهزة، أو شراء المستعملة، وبهذا تحتفظ ببعض المال للتّكاليف التّشغيليّة. |
سوء إدارة الأموال | ابدأ نشاطك صغيرًا، وقلّل كميّة المال الّتي تحتاج إلى اقتراضها، واستعن بمحاسب من البداية، وصارحه عبر مشاركته خطّة عملك، ورؤيتك للنّشاط، ثمّ استمع إلى نصائحه. |
التصرّف الشخصّي في أموال الشّركة | على المالك اقتطاع راتب صغير من الشّركة، لا أن يعيث في تموينها فسادًا، وإذا سارت الأمور كما ينبغي، فإنّه سيحصل على أموال إضافيّة بنهاية السّنة. |
النموّ غير المتوقّع | من المفاجئ أنّ بعض الشّركات إنّما تفشل لأنّ مالكها لا يقدر على مواكبة تطوّرها، تطوير مشروع جديد، وخاصّة إذا كان قد فاق هذا التطوّر النّسبة المتوقّعة، فإن ذلك يخلق تحديّات مفاجئة، فإذا كنت تصنع منتجًا ما، فإنّ عليك أخذ نسبة استيعاب المصنع بالحسبان، إذا كنت تصنّع بنسبة 100% من طاقة المصنع، فإنّك ستحتاج إلى التّفكير في الإجراءات الّتي تلبّي ارتفاع الطّلب؛ لأنّك إن لم تلبّ الطّلب المتزايد، أغضبت عملاءك، وأكسبت نفسك سمعة سيّئة، تنعكس سلبًا على مهاراتك القياديّة، وربّما تفتح قلّة تخطيطك -لازدهار المبيعات- الباب أمام شخص آخر لبدء شركة منافسة. |
المنافسة | يسيء كثير من مالكي المشاريع الصّغيرة تقدير منافسيهم، لذا، تذكّر إذا تعلّق الأمر بمال يجنى، فإنّ هنالك منافسة، والمنافسون الأكبر يمكنهم هزيمتك دومًا في السّعر، فجد لنفسك وسيلة أخرى تتحدّاهم بها. |
الجدول 1.5
لنحلّل في المثال الآتي إدراك الفرصة في الواقع، عبر دراسة حالة شركة تسمّى “بدايات حلوة” Sweet Begginings. لقد كان قاطنو مدينة شيكاغو الأمريكيّة الثّلاثة: إيدي جريفين، وكيفن جرينوود، وتيفاني تشين، يبحثون عن عمل، وحياة جديدة، بعدما قضوا وقتًا في السّجن، لقد أرادوا فرصة لإعادة بناء حياتهم، ودعم أنفسهم ماليًّا، لقد كانت الاحتمالات كلّها للأسف ضدّهم في مجتمعهم North Lawndale: فقد بلغت نسبة البطالة 40%، وكان 57% من سكان المنطقة ذوي سوابق عدليّة، كما كان متوسّط الدّخل السّنوي 25.000 دولار، كلّ هذا في منطقة معروفة بالمخدّرات، والعهر، والعصابات، لذا فقد كانوا إحصائيًّا في طريقهم للعودة إلى السّجن.
لكنّ بريندا بالمز باربر -وهي امرأة ممّن عرفوا كلّ هذه الإحصاءات- كانت خلاصهم، وكانت المديرة التّنفيذيّة لشبكة التّوظيف في نورث لوندايل LEN، وبينما رفض كلّ أصحاب الأعمال توظيف الثّلاثة الّذي درّبتهم، راحت هي تبحث عمّا يمكن فعله لفتح نشاطات تجاريّة مختلفة، بما في ذلك وكالة توظيف، وشركة تصميم حدائق، وخدمة توصيل، مع نيّتها تقديم الوظائف لعملاء LEN، وقد استقرّت بناء على توصية من أحد معارف عضو إدارة في شبكتها، على تربية النّحل، وبعد أن علمت بأنّ مهنة تربية النّحل إنّما تنتقل بالتلّقين لا بالدّراسة، تأكّدت من أنّها الخيار الأنسب لعملائها، الّذين واجهوا -أحيانًا- صعوبات تعلّميّة نتيجة انقطاعهم المبكّر عن الدّراسة.
أسّست بالمز باربر شركة سويت بيجينينجز سنة 2005، وهي منظمة اجتماعيّة، توظّف المساجين السّابقين، وتعلّمهم مهارات العمل لإدارة شركة تربية نحل في قلب نورث لوندايل، إن ماركة شركة سويت بيجينينجز المسمّاة Bee Love (الشّكل 6.5) تبيع العسل، ومنتجات الرّعاية بالبشرة المخلوطة بالعسل في المطارات، والفنادق، والمحلات الكبيرة، وقد عرفت باربر بأنّ المهارات الّتي تَعَلَّمَهَا موظّفوها المحتملون في الشّارع، يمكن نقلها إلى تشغيل، وإدارة نشاط تجاري.
الشكل 6.5: منتجات Bee Love “حُبّ النّحل” جزء من مشروع ريادي اجتماعيّ. بحثت المؤسِّسة Palms Barber الفرصة بحذر، وحقّقت النّجاح.
أدركت بالمز باربر -أيضًا- وجود فجوة منتج بين حاجات العميل، وعرض المنتجات، وقد تعرّفت على سوق نيتش “مجال مخصّص” حيث اكتشفت رغبة العملاء في شراء منتجات بشرة طبيعيّة كليّا، كما أحبّوا فكرة شرائها من شركة مجتمعيّة، لقد أعدّت Bee Love نفسها للنّجاح؛ كونها منتجًا راقيًا، وطبيعيًّا، وجذّابًا للمستهلكين الواعين بيئيّا، والعازمين على دفع ثمن غال مقابله.
كما أدركت بالمز باربر فرصة عندما حدّدت مشكلة التّوظيف للأشخاص الّذين قضوا فترة في السّجن، وفي سعيها لإيجاد حلول لمشكلتهم تلك، فقد لاقت معوّقات تمثّلت في رفض أصحاب العمل توظيف خرّيجي السّجون، بحثت عندها عن حلول أخرى بما في ذلك شركات تجاريّة ناشئة، وبدت فكرة تربية النّحل في البدء حلّا غير اعتيادي لمشكلة التّوظيف لزبائنها الفريدين، ولكنّها في استقصائها اللاّزم، عثرت على فجوة بين رغبة العملاء في منتجات عناية بالبشرة طبيعيّة كليّا، وبين العروض المتوفّرة وقتها في السّوق، ونتج عن جمعها لتلكما الفكرتين افتتاح Bee Love. إن التّناسب بين موظّفين من المساجين السّابقين، وتربية النّحل، ومنتجات العناية بالبشرة، دَعَمَ افتتاح هذا المشروع الفريد، كما أن استكشاف الفجوات كان جزءًا من عمليّة إيجاد الحلّ الصّحيح، وإدراك أنّ فكرة بدء نشاط تجاريّ؛ لدعم مساجين سابقين؛ كان فرصة فعليّة تستحقّ التّطوير إلى مشروع جديد.
مصادر الفرص في الصناعة
ينبغي أن تنطوي عمليّة بحثك على تعلّم كلّ ما يمكنك حول الصّناعة الّتي تُزْمِعُ دخولها، فهذا سيساعدك في التعرّف على الفرص، ومن أهمّ مصادر المعلومات في هذا المجال، نذكر قسم المراجع التّجارية في مكتبة جامعتك المحليّة.
تزيح مصادر الصّناعة النّقاب عن معلومات بخصوص صناعة محدّدة، من منظور تحديد الاحتياجات غير الملبّاة، أو مجالات التّحسين في تلك الصّناعة، ولنأخذ Airbnb مثالًا لذلك: فالشّركة أعادت تعريف صناعة الفنادق بربطها المسافرين مع أصحاب العقارات، بحيث يمكن للمسافرين استئجار العقار، عندما لا يستخدمه صاحبه، وعندما نمت الشّركة، أدخلت تحسينات على عروضها، بتلبية احتياجات المسافرين بناء على موقع العقار، وتقسيم العروض -أي العقارات- إلى فئات، وهذا لرفع كفاءة نظامها؛ فغطّت حاجة المسافر، وصاحب العقار في الوقت نفسه. إنّ إجراء البحوث حول صناعات محدّدة عبر منظور العرض، والطّلب، وملاحظة الموارد غير المستخدمة، ينطبق على صناعات أخرى -أيضًا- مثل محلاّت السّندوتشات؛ ماذا يحدث للخبز الفائض عن الحاجة في نهاية اليوم؟ الجواب لدى ستيسي ماديسون Stacy Madison وعربة سندوتشات بيتا خاصّتها؛ إذ عدّت الخبز غير المباع فرصة لاختراع رقائق بيتا، بتحويلها مصدرًا فائضًا إلى رقائق مقطّعة ومتبّلة.
كلّ الصّناعات تقريبًا تستحقّ التّحقيق من منظور التعرّف على المصادر غير المستعملة، أو المصادر الزّائدة عن الحاجة، الّتي يمكن إعادة هيكلتها في إطار الاقتصاد المشترك، أو اقتصاد العمل الحر، ويرى هذا الاقتصاد المشترك، بأنّ الأصول تكون -أحيانًا- غير مستعملة، وهذا الوقت الّذي لا تستغلّ فيه الأصول، يوفّر مدخلًا لشخص آخر لاستخدامها، مثل: Airbnb، فيما تدعم شركات أخرى منها Uber، Lyft، DoodDash و Postmates اقتصاد العمل الحرّ، بحيث توفّق بين اختيار الشّخص، متى يريد أن يعمل، وبين سيرورة طلب العمل، واقتصاد العمل الحرّ نظام سوق مفتوح، أو مرنٍ، مع مناصب مؤقّتة يشغلها عمّال بمدى قصير، ويمكننا أن نرى في الأمثلة السّابقة التّوافق بين العرض، والطّلب، وتحدث الفرصة الرّياديّة عند توفير منصّة للمساعدة في ربط العرض، والطّلب.
القطاع المعلوماتي -على سبيل المثال- دائم التكيّف مع التّغيير، فأشياء مثل: الهواتف الذكيّة، والطّباعة الثلاثيّة الأبعاد؛ توسّع دائرة التّقنية، بينما تدخل منتجات جديدة إلى السّوق؛ ترتفع الحاجة إلى تطبيقات، وكفاءة متزايدة، وتختبر كثير من الصّناعات الأخرى تطوّرًا في وقتنا هذا، بما في ذلك الرّعاية الصحيّة، والتّغذية. إذ وفقًا لـ Global Market Insights، ستتجاوز قيمة سوق التّغذية الإكلينيكيّة 37.530.7 مليون دولار بحلول سنة 2025. وقد أفاد هذا المصدر ذاته من قبل، بأنّ قيمة هذه الصّناعة كانت 10.562.7 مليون دولار سنة 2018، وهذه زيادة كبيرة عن السنوات السّبعة السّابقة، وتشمل العوامل الدّافعة لها أنماط الحياة المستقرّة، والمشكلات الصحيّة المتّصلة بها، مثل البدانة، ونتيجةً لهذه التغيّرات الاجتماعيّة، فقد ارتفع الطّلب على المنتجات الغذائيّة الإلكينيكيّة، وخدمات الرّعاية الصحيّة المنزليّة، ووفقا لبيتر دراكر كاتب إدارة الأعمال، والأستاذ، ومستشار الشّركات، فإنّ روّاد الأعمال يتميّزوون بقدرتهم على العثور على فرص الأعمال المحتملة؛ النّاشئة عن التغيّرات الاجتماعية، والتّقنيّة، والثّقافيّة، وتطويرها.
مصادر الفرص من العملاء
ترتبط مصادر الفرص النّاتجة عن العملاء، بمدى التغيّرات في المجتمع، مثل: العادات، أو التصرّفات الجديدة، الّتي يجلبها التعرّض لمعلومات جديدة، فأكثر النّاس يشعرون -مثلًا- بالضّغط النّاتج عن وجود وقت فراغ، أو وقت حريّة أقلّ، ويسجّل الشّكل 7.5 متوسط عدد السّاعات الّتي يقضيها كلّ عامل في العمل سنويّا حسب الدّولة.
الشكل 7.5: متوسّط عدد ساعات العمل لكلّ عامل في كلّ دولة.
اعتبار آخر مهمّ، هو متابعة: أين نقضي وقتنا خلال التنقّل إلى العمل؟ فمجموع تلك الأوقات، وساعات العمل، والنّشاطات الضّرورية الأخرى، مثل: الأكل والنّوم…كلّ هذا لا يترك للنّاس مجالًا للاسترخاء، أو لنشاطاتهم الشّخصيّة، ولهذا يقدّر النّاس المقاربات العصريّة في إنهاء المهام، وتسهيل الحياة، حيث سعى كثير من الشّركات إلى جعل الحياة أسهل، وتوفير وقت العميل، كما فعلت أمازون بتفعيلها تقنية “الشّراء بنقرة واحدة”، وتوصيل البقالة، وتوصيات المنتجات، ففهم حاجات المستهلك ومشاكله، يفتح إمكانيّة إنشاء أعمال تعالج تلك الحاجات، والمشاكل.
ومن التوجّهات الاستهلاكيّة –أيضًا- الطّلب على الإسكان ميسور التّكلفة، ومن بين الحلول: عرض “المنازل الصّغيرة” الّتي تجعل امتلاك منزل أمرًا متاحًا، وعندما تتبلور فرصة رياديّة إلى منتج جديد، ربّما تظهر –أيضًا- الأفكار المشتقّة عنها، ومفهوم المنازل الصّغيرة هذا، جذب انتباه مجموعات تساعد متقاعدي الجيش، الّذين لا يملكون مأوى، وقد طوّر مشروع “مجتمع متقاعدي الجيش” في مدينة كانزاس بالولايات المتّحدة الأمريكيّة مجتمعًا من 49 منزلًا صغيرًا لمتقاعدي الجيش، وقد حقّق المشروع نجاحًا واسعًا إلى درجة أنّ أكثر من 500 مدينة حول الولايات المتّحدة تستنسخه.
الشكل 8.5: هذه المنازل الصّغيرة لا تكلّف أكثر من 10.000 دولار لبنائها، وتأتي مجهّزة بغرفة نوم، أو اثنتين، ومطبخ صغير، وحمّام.
رائد أعمال في الميدان
فيستيرجارد
تتمثل مهمة فيسترجارد (Vestergaard) في الوقاية من الأمراض، خاصة بالنسبة للسكان المعرّضين للخطر في جميع أنحاء العالم، والمساهمة في كوكب أكثر صحة، واستدامة، من خلال الأعمال الحميدة.
أطلق فيستيرجارد منتجه LifeStraw (قشّة الحياة) سنة 2005، لجعل الماء أسلم للشّرب في أماكن لا يتوفّر فيها الماء النقيّ بسهولة، وتغيير المعتقدات حول مياه الشرب الآمنة، ويستخدم LifeStraw مزيجًا من غشاء ليفي مجوف، وعملية ترشيح، وفي بعض المنتجات، تكون هنالك عملية ترشيح ثانية؛ لإزالة المواد الكيميائية مثل: الكلور، والرصاص، ومبيدات الحشرات.
الآن وقد اطلعت على كيفية القيام ببحث الفرص الريادية، واطلاعك على بعض الأمثلة الواقعية المساعدة على الفهم، والتي سبق وأن حدثت بالفعل؛ بات في إمكانك الآن القيام بأبحاث فرصك الريادية بنفسك، لإيجاد الفرص المناسبة، واقتناص أفضلها.
ترجمة -وبتصرف- للفصل (Identifying Entrepreneurial Opportunity) من كتاب Entrepreneurship
المصدر: أكاديمية حاسوب