أكثرُ الشّركات التي تعمل عن بُعد نجاحًا اليوم لا تبتكر فقط في المُنتجات، بل تبتكر أيضًا في العمليّة الإنتاجيّة. هنالك الكثير من التّحديات التي تواجه فرق العمل الموزعة ولعلّ تجنّب الجوانب السّيئة للعمل الموزّع أحد أبرزها.تعدّ النّتائج الى حدّ الآن واعدة:
- يستخدم التّطبيقات الالكترونية: doist todist ،twist أكثر من 20 مليونا مستخدما وتنتشر الفِرق الموزّعة لشركة doist على 25 بلدا مختلفا.
- حصل فريق Buffer الذي يعمل عن بُعد على 77000 مستخدما وحقّق إيرادات سنويّة بلغت 20 مليون دولار.
- أنتجت Automatic عدّة منتجات لملايين المستخدمين عبر الإنترنيت بما في ذلك الوردبريس و قفزت إلى أكثر من 1000 عامل عن بُعد.
- نجحت الشّركات التي تعمل عن بُعد مثل GitLab و Toggl و Help Scout و CodePen والعديد من الشّركات الأخرى على العمل كفِرقٍ مُوزَّعة تعمل عن بُعد.
على الرّغم من كون العديد من هذه الشّركات تعمل بطرائق مختلفة إلا أنّها جميعها تُحفِّز البيئات التي تعترف بواقع العمل عن بُعد. تشتغل الشّركات التي تعمل عن بُعد حاليّا بدون دليل عمل وتعمل مع بعضها على إنتاج أفضل الممارسات من أجل التّعاون والتّواصل عبر مختلف المناطق والأزمنة.
سنعرض أفضل الدروس التي تعلّمَتها الشّركات التي تعمل عن بعد طوال مسيرتها.
الدرس الأول: انتهجْ العمل عن بُعد انطلاقا من المبادئ الأولى
يتطلّب إنشاء شركة تعمل عن بُعد التخلّي عن الافتراضات المتعلّقة “بأفضل الممارسات” التي تنتهجها الشّركات التي تعمل بمكاتب ثابتة. لاحظت شركة Doist -على سبيل المثال- الصّعود الذي وصل إليه Slack عام 2015 وقررت إعتماد أداة الدّردشة الفوريّة من أجل تحسين طريقة التّواصل بين أعضاء فريقها الذي يعمل عن بُعد ولكن تَبيّن لها فيما بعد بأنّه تصرف خاطئ.
“في مرحلة ما، أصبح Slack ذائع الصيت، واستخدمناه من دون تردّد. عندما وسّعنا نطاق الشركة، اكتشفنا أن Slack كان يسبّب الإدمان على المحادثة كما أنّه ليس قابلًا للتّوسّع عبر المناطق الزمنيّة “.
- Slihefendic Amir ( المؤسّس والرئيس التنفيذي لشركة Doist).
كانت هذه العثرة من شركة Doist نِتاج عدم التّفكير انطلاقا من المبادئ الأساسيّة وهو أسلوب فكريّ يتحدّى الافتراضات ويُحجّم المشكلة ليُركّز على أساسيّاتها.
المشاكل | التّفكير بالقياس | التّفكير انطلاقا من المبادئ الأولى |
---|---|---|
تحتاج شركة Doist إلى طريقة أفضل للتّواصل كونها فريق عمل يعمل عن بُعد ومُوزّع عبر مختلف مناطق العالم. | بعض الشركات النّاجحة تستخدم Slack. إذا اعتمدت Doist هذه الأداة فسيكون فريق عملها أكثر نجاحا. | تختلف شركة Doist عن الشّركات الأخرى لأنها تعتمد على فريق عمل مُوزّع. إنّ تواصل أعضاء فريقها بطريقة متزامنة هو تحدٍّ صعب ويكادُ يكون مستحيلا بسبب المناطق الزمنية المختلفة. تحتاج Doist الى أداة تناسب نمط عملها غير المتزامن. |
التفكير انطلاقا من المبادئ الأولى
لقد قررت شركة Doist التوقّف عن استخدام Slack وأنشأت Twist وهي أداة تواصلٍ غير متزامن لفريقِ عملها الذي يعمل عن بُعد.
كان الدّافع وراء الحاجة لهذه الأداة هو بناء الفلسفة التي نريدها ( وهي فلسفة تُعزِّز العمل العميق، الحياة المتوازنة وإمكانيّة عدم التواصل…الخ ). بعد أن توصّلنا إلى أنّ نجاح Doist يعتمد على أداة تواصلنا بذلنا كل ما في وسعنا لتطويرTwist ونُعدُّ اليوم الأكثر استخداما لهذا المنتج( بعد إرسال ملايين الرسائل )
- Slihefendic Amir ( المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Doist).
كان قرار Doist بتوفير 40 يوما كعطلة لكل عضو في الفريق مثالاً آخر على التّفكير انطلاقا من المبادئ الأولى. إذ لم يكن من المنطقي تنظيم سياسة إجازةٍ بالطّريقة نفسها التي تقوم بها الشّركات المتواجدة في نفس الموقع ( “س أسابيع” + ” س إجازات وطنية” ) لأنّهم منتشرون في جميع أنحاء العالم ويلاحظون أعيادا مختلفة في مختلف البلدان، وبالتّالي فإنّ توحيد عدد أيام العطلات للجميع -بغض النّظر عن الموقع- كان أسهل وأكثر عدلا.
سياسة الإجازة القديمة | سياسة الإجازة الجديدة |
---|---|
المملكة المتحدة: 5 أسابيع + 7 أعياد وطنية كندا: عطلة لمدة 5 أسابيع + 10 أعياد وطنية البرتغال: عطلة لمدة 5 أسابيع + 11 عيد وطني تايوان: عطلة لمدة 5 أسابيع + 13 عيد وطني | الجميع: 40 يومًا في العام. |
تغيير سياسة الإجازة في Doist
إنّ اتِّباع نهج الشركات النّاجحة – أو ما يبدو أنّه نجاحٌ – هو أمر جِدُّ مُغرٍ ( “Apple تفعل س، يجب أن نفعل س” ). وعلى الرّغم من أهمّية تعَلّم الدروس، إلّا أنّه من الضّروري -بالنّسبة للفرق التي تعمل عن بعد- التّفكير انطلاقا من المبادئ الأولى قبل اعتماد استراتيجيّات الإدارة وطُرُق سيْر العمل من أيّ شركة – بما في ذلك الشركات المذكورة في هذا المقال.
لا يوجَد الكثير مِمّا يمكن تسميتُه أفضل الأساليب لاتِّباعها. وعليك اختراعُ منهجيّتِك الخاصّة لإنجاحِ العمليّة دون أن تقلِّد الآخرين
- Armon Dadgar ( مدير العمليات، HashiCorp).
الدرس الثاني: اعتماد عقليّة العمل عن بعد “كليّا”
في حين أن القَبول المتزايد للعمل عن بُعد وترتيبات العمل المرنة تُعدّ أمرا إيجابيا إلى حدٍّ كبير، إلا أنّ الفشل في إنشاء قواعد وعمليات مقصودة ومُوجَّهة حول العمل عن بُعد غالبًا ما يؤدّي إلى شيء غير مقصود: التدرُّج الوظيفي الهَرَمي حيث يقع أعضاء الفريق الذي يعمل عن بُعد في الحضيض.
يحدث هذا غالبًا في فِرق عمل غير مُوزّعة بالكامل: حيث يكون للشّركة مقرّ رئيسي بينما يعمل بعض أعضاء الفريق عن بُعد: من مُدن أو ولايات أو دُول أخرى. يمكن أن يكون هذا هو الحال أيضًا عندما تكون الشّركة “تعمل عن بعد جُزئيّا”، مِمّا يُوفّر لأعضاء الفريق المرونة للعمل من المنزل لبضعة أيام في الأسبوع.
العمل عن بُعد جُزئيّا | العمل عن بُعد كليّا |
---|---|
سُمِح له بالعمل عن بُعد | مُفوَّض للعمل عن بُعد |
تفضيل التّواصل المتزامن | تفضيل التّواصل غير المتزامن |
تدور العمليات والأدوات حول المكتب | تُصمّم العمليّات والأدوات لتشمل الموظّفين عن بُعد. |
تُجَدول الإجتماعات لتُناسب الأشخاص في المكتب. | الإجتماعات قليلة جدا و تُجَدول لتوافِق كل المناطق الزمنية. |
يُتاح الأشخاص وتُوفّر المعلومات للأشخاص المتواجدين في المكتب حصريّا. | يُتاح الأشخاص وتُوفَّر المعلومات لجميع الموظفين بالتّساوي. |
تُتّخذ القرارات الأساسيّة في المكتب | تُناقَش القرارات الأساسيّة على الإنترنت بمشاركة كل الموظّفين المميّزين |
التّحيُّز المحتمل تجاه تعزيز العاملين في المكاتب. | تَكافؤ فُرص التّرقية للعاملين في المكتب والعاملين عن بُعد |
الموازنة بين العمل عن بُعد جزئيّا والعمل عن بُعد كليّا
أدخل الشركات التي تعمل عن بعد كليّا
إنّ هيكلة المؤسسة التي تعمل عن بعد “كليّا” تمنع ظهور الفجوة التي يمكن أن تتشكل بين العمّال الّذين يعملون عن بُعد وغير العاملين عن بُعد. على سبيل المثال، لدى فريق HashiCorp المُوزّع أساليب محددة حول اجتماعات المكتب حتى يتأكّد من تضمين الجميع:
بالنسبة لمكتب SF، لدينا بصمة صغيرة نسبيًا، مع تواجد أقل من 20٪ من الموظّفين. في معظم الوقت، تحتوي الاجتماعات في SF أيضًا على مكالمة زووم مرفقة كما تحتوي جميع غرف المؤتمرات على إعداد AV. نحاول تطبيق فلسفة “العمل عن بُعد كليّا” والتّمسك بهذا المبدأ حتى في المكتب. – Armon Dadgar ( مدير العمليات، HashiCorp ).
العمل عن بُعد “كليّا” هوعقليّة ويتَوجّب على هذا النّمط من العمل الإعلام بكافة العمليّات التي يقوم بها فريق العمل المُوزّع والتأكّد من أنّ أعضاء الفريق غير مَقصيِّين من المُعادلة.
يجب على الشّركات التي تمتلك عمّالا يعملون عن بُعد وآخرين بمكاتب ثابتة أن تتبنَّى عقليّة العمل عن بُعد “كليّا” مع التأكُّد دائما من توفُّر مؤتمرات الفيديو ومحاولة تجنُّب اتّخاذ القرار في الرّدهة. “
– Stewart Scott-Curran ( المدير الإبداعي التنفيذي، Instrument ).
فيما يلي بعض المُمارسات للشّركات الناجحة التي تتبنّى عقليّة العمل عن بعد كليّا:
- في Doist ، يتم إجراء جميع الاتّصالات وتُتخذ كل القرارات وتوثَّق في Twist، على الرّغم من امتلاكنا لمكتب صغير في بورتو في البرتغال.
- مكتب المساعدة Scout في بوسطن لا ينتقص من ثقافة الشركة التي تعمل عن بُعد. “حتى عندما يدخل الناس إلى المكتب، يَنضَمّ الجميع إلى الاجتماعات من أجهزة الحاسوب المحمولة الخاصّة بهم في غرف مختلفة، وبالتّالي فإن الإجتماع يبدو دائما وكأنه إجتماع يُعقد عن بُعد”.
- يشجِّع Buffer الأشخاص على التّقدم بطلب العمل من جميع أنحاء العالم، وذلك بِغض النّظر عن موقعهم. لديهم حاليًا 90 فريقا مُوزَعين في 15 دولة مختلفة ويحرصون على اطلاع الجميع على كل شيء وذلك بتطبيق الشّفافية الجذريّة.
الدرس الثالث: اختر التواصل غير المتزامن
يمكن أن يُمثِّل العمل عبر مناطق زمنيّة متعدّدة تحدِّيًا كبيرا بالنّسبة للفِرق التي تعمل عن بُعد – كيف تريد إجراء مكالمة فيديو مع زميل في سيدني عندما تكون متأخِّرًا بـ 19 ساعة في سكرامنتو؟ لن تستطيع. ولهذا السبب تختار الفِرَق التي تعمل عن بُعد التّواصل غير المتزامن.
يعطي التّواصل غير المتزامن لجميع أعضاء الفريق الذي يعمل عن بُعد حظوظا متساوية للمشاركة في المحادثة، التعاون وكذا في عمليّة اتخاذ القرارات ممّا يساعد في إرساء الشفافيّة المُطْلقة. عندما يكون أحد أعضاء الفريق متّصلا بالإنترنت في منطقته الزمنيّة الخاصّة فإنّه يمكنه الإخبارعن ذلك بواسطة رنين، وغالبًا ما يقوم بذلك بشكل مدروس:
“لحسن الحظّ يمكن لأكثر الأشياء أن تتمّ بطريقة غير متزامنة. كما يمكن القول بأنها تتمّ في هذه الحالة بصورة أفضل. إنّ الوقت الإضافيّ الذي يسمح بالتّفكير والتعمّق وإعطاء فرصة لتطوير إجابة مناسِبة يُؤتِي ثماره حقًّا”
- Gonçalo Silva (الرئيس الفني في Doist).
يشجِّع الاتّصال غير المتزامن أيضا التّركيز والعمل العميق وهما ما يُفتقَد إليه في أماكن العمل في واقعنا اليوم. إنّ الشّركات التي تختار التّواصل غير المتزامن تحمي انتباه موظّفيها وتحافظ على تركيزهم لتحفيز الابتكار عِوضا عن محاربة التشتّت المستمر في الاجتماعات والمحادثات المتزامنة بين الفِرق.
يمكن تنظيم سيْر العمل وإكماله بشكل غير متزامن من البداية إلى النّهاية مثل عمليّة التّصميم عن بعد في Automattic:
“لدينا أداة داخليّة تستند إلى وردبريس غير متزامنة تسمى P2، حيث ينشر المصمِّمون تِكرارات للعمل الذي يعملون عليه. غالبًا ما يحتوي هذا التِّكرار على مخطّط ومنطق ونماذج أوليّة قابلة للنّقر حسب الحاجة، ومن المفترض أن يكون مكانًا للمناقشة والمراجعة مع الفريق.”- Erin‘ Folletto ’Casali ( مدير التصميم، Automattic ).
يمكن لأدوات التواصل غير المتزامن أن تَتّخِذ مجموعة متنوّعة من الأشكال، والتي تَنشأ غالبًا من تفكير الشّركات التي تعمل عن بعد انطلاقا من المبادئ الأولى:
أداة التّواصل غير المتزامن | الشّركات التي تعمل عن بُعد |
---|---|
Twist | Doist |
GitLab | GitLab |
الرسائل الالكترونية | Hashi Corp |
ووردبريس P2 | Automattic |
أدوات التّواصل غيرِ المتزامن
إنّ جعْلَ معظم اتّصالات فريقك الذي يعمل عن بُعد غير متزامنة سيحَفِّز جوًّا من التّركيز الهادئ الذي سيؤدِّي إلى نتائج أفضل.
الدرس الرابع: الاستخدام الاستراتيجيّ للتّواصل المتزامن
يحتلّ التّواصل غير المتزامن أساس أو غالبية التّواصلات في شركة Doist، كما تمّت الإشارة إليه في هرم أدوات الاتّصال عن بُعد. ومع ذلك، فإنّهم يستخدمون تواصلات متزامنة، مثل مكالمات الفيديو والدّردشة والاجتماعات وجهًا لوجه. وتُستخدَم بشكل استراتيجيّ في مثل هذه الحالات :
- محادثات معقّدة ودقيقة ( مثال: حلّ المشكلات ، ورُدود الفعل النقديّة )
- حالات الطّوارئ ( مثال: توقُّف التّطبيق ، مشاكل الشّبكة الإلكترونيّة )
- 1: 1 اجتماعات مع المديرين
- تعزيز الثّقافة وروابط الفريق ( مثال: مُلتقيات الفريق )
كما يوضح الرئيس الفني لشركة Doist:
“لا تزال بعض الأشياء تحتاج لِأن تتمّ وجهًا لوجه. تقدِّم اجتماعات فريقنا الأسبوعيّة قيمة هائلة. فمن المهِمّ أن تكون لديك بيئة حيث يمكن للناس التّعبير عن آرائهم واهتماماتهم، التّفكير والتّخطيط معًا، كلّ ذلك خلال وقت سريع. وكذلك الأمر بالنّسبة للإجتماعات الشّهرية من نوع 1: 1 فهي أساسيّة جدا. إنّه مكان يمكن أن يكون فيه كلا المشاركيْن “حسّاسيْن”، فيُقدِّمان ملاحظات صادقة، يضَعان التّوقعات ويناقشان المشاكل والطّموحات. ولن يكون الأمر أكثر حساسيّة وتأثيرا إذا تمّ بشكل غير مُتزامن “.
- جونسالو سيلفا ( CTO ، Doist )
تستخدم شركات أخرى تعمل عن بُعد التّواصل المتزامن بوتيرة أكبر ممّا تستخدمه شركة Doist.
يعقد الفريق الهندسيّ في CodePen اجتماعات أسبوعيّة كفريق يعمل عن بُعد:
“في أيّام الإثنين ، لدينا اجتماع يضُمّ جميع الفِرق والذي يكون بمثابة “وقت للإعلان “وأيضًا كاجتماع أسبوعيّ مختصر. إلى جانب ذلك، يومَي الاثنين والجمعة لدينا اجتماعات من نوع 1: 1، عدا ذلك فإنّ كل شيء يتم بصورة مغلقة تتخلّلها اجتماعات ارتجاليّة من حين لآخر.”
- Cassidy Williams ( مهندس برمجيات أول، CodePen).
يعقد الفريق الذي يعمل عن بُعد في GitLab اجتماعات يوميّة:
“إنّها أفضل طريقة للحصول على كل التّحديثات التي تحتاج إليها. تعيينات عماّل جدد ومكافآت وعروض ترويجيّة وتغييرات كبيرة وما إلى ذلك – كل هذا يتم عبر مكالمة الشركة. بالنسبة للأشخاص الذين لا يمكنهم الانضمام للاجتماع فإنّهم يستطيعون قراءة جدول مكالمات الشركة أو مشاهدة التّسجيل على قناة اليوتيوب الداخليّة الخاصّة بنا. لدينا أيضًا محادثة جماعيّة يوميّة ، وتحديث من طرف مجموعة في المنظمة يتم على تناوب لمدة 6 أسابيع.”
- إيميلي شاريو(مهندسة بيانات، GitLab).
تستخدم هذه الشّركات ممارستين رئيسيّتين تسهِّل التّواصل المتزامن للفريق الذي يعمل عن بُعد:
- التّخطيط للاجتماعات المتزامنة بدلاً من جعلها عشوائيّة. هذا يعطي الموظّفين إشعارا للمشاركة في الاجتماع.
- تسجيل الاجتماعات المتزامنة مما يسمح بالاستفادة من الاجتماعات وحضورها بشكل غير متزامن لاحقًا إذا لزم الأمر.
تبقى أكثر أشكال التّواصل تزامنًا هي الاجتماع في الحياة الواقعيّة، من خلال اللّقاءات الشخصية مثل اللّقاء السّنوي للفريق. هذه ممارسة تتمّ في العديد من الشركات التي تعمل عن بُعد ، بما في ذلك Toggl:
“اللّقاءات الشخصيّة مهمّة للغاية بالنسبة لـ Toggl.على الرغم من كون العمل عن بُعد يُعدّ أمرًا رائعًا، ولكننا نعتقد أنه لا يمكن إنجازه بفاعليّة دون التواصل وجهًا لوجه بين زملاء العمل. قضاء وقت شخصيّ مع زملاء العمل يسهم في بناء علاقات، يعزز التّعاطف ويساعدنا على فهم كيفيّة العمل معًا بشكل أفضل. خلال اللّقاءات، نقضي وقتًا متساوٍ في التّعرف على زملائنا في العمل وبناء روابط وعلاقات، كما نكتشف كيف يمكننا تحسين Toggl”.
- ايما موراي (كاتبة محتوى، Toggl)
فيما توضِّح هذه الأمثلة كيف أنّ التّواصل المتزامن له مكانه في الفِرق التي تعمل عن بعد، ينبغي مع ذلك الحفاظ على مبدأ “العمل عن بعد كُليّا” كدليل مُوجِّه وإتاحة أي محادثات متزامنة للجميع بشكل أو بآخر.
الدرس الخامس: قنّن طريقة عمل فريقك
عندما تعمل في المكتب، فإنه يمكنك الذّهاب الى مكتب شخص آخر أو النّقر على كتفه للحصول على المعلومات التي تحتاجها. غالبًا ما يؤدّي هذا “التّأثيرالفوري” إلى انقطاع العمليّة وانعدام البحث والتّوثيق. في غياب هذه الظّاهرة، يجب أن تمتك الفِرق التي تعمل عن بُعد منهجيّة حول كيفيّة توثيق العمليّات.
يجب على الجميع الوصول إلى نفس المعلومات. يُقلّل هذا من عملية الذهاب والاياب للحصول على المعلومات التي تأخذ وقتا أطول عندما ينتشر النّاس عبر المناطق الزمنيّة المختلفة. يمكن العثور على وثائق GitLab القويّة في دليل الشّركة الذي يمتدّ على 3700 صفحة ويتضمّن موضوعات مثل “القيم” و”ممارسات الأمان” و”خيارات الأسهم”. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للموظّفين اقتراح تغييرات على الدليل بشكل مركزيّ:
“إن كُتيّب GitLab هو مصدر الحقيقة لكل ما نقوم به عبر جميع الفِرق. إنّ طريقة اقتراح إجراء تغيير ما في الكُتيِّب هي بتقديم طلب دمج للكُتيّب الذي يقترح هذا التغيير! إذا قمت بالتّمرير إلى الجزء السّفلي من أي صفحة في الكتيّب ستشاهد زرّ “تحرير هذه الصّفحة”. سيقودُك ذلك إلى حيث يمكنك التّحرير باستخدام مُحرّر الويب أو Web IDE. لكلّ شخص طريقة عمل مفضّلة، لكنّ الجميع يستخدم git و GitLab في جميع الوظائف. من بين أوّل الأشياء التي تقوم بها بعد انضمامك إلى الشّركة هو إضافة نفسك إلى صفحة الفريق “.
- Emilie Schario (مهندس بيانات، GitLab).
إليك بعض النّصائح حول كيفيّة إنشاء ونشر إرشادات لفريق يعمل عن بُعد:
- أنشئ توثيقا لكلّ شيء: إرشادات فريق الدّعم، معايير التّحرير، إرسال تقارير النّفقات…الخ.
- لزيادة الشفافيّة ، احتفظ بالوثائق في موقع مركزي حيث يمكن للجميع الوصول إليها.
- تأكّد من مشاركة الوثائق مع أعضاء الفريق الجدد أثناء التعيين.
يسمح تقنين طريقة عمل فريقك لأعضاء الفريق الذي يعمل عن بُعد بالعمل بأفضل طريقة ممكنة: باستقلاليّة وحدٍّ أدنى من الإشراف. بينما يمكن أن تكون هناك طرق عمل شاملة تتّبعها جميع الفِرق وغالبًا ما تكون هناك أيضًا عمليّات فرديّة لأقسام مختلفة مثل التّسويق والهندسة والماليّة…الخ.
يحتوي فريق Toggl Engineering على دليل يصف العمليّة التّالية لإجراء مراجعات الشيفرة البرمجيّة:
- حاول أن تكون دقيقا في مراجعاتك لتقليل عدد التّكرارات.
- لا تخف من الإبلاغ عن خطأ أو من طلب تغيير ( حتى إذا كنت تعتقد أنه نوع من “تصيّد الأخطاء” ). نحن نحاول مساعدة بعضنا البعض.
- حدِّد الطرق المحتملة لتبسيط الشيفرة البرمجيّة أثناء حل المشكلة.
- إذا كنت لا تفهم قطعة من التعليمات البرمجيّة، قل ذلك. يمكن أن يكون ذلك مُربِكًا أيضًا لشخص آخر.
- كن واضحا وواثقًا: لا توافق على العلاقات العامة إذا تركت تعليقًا يتضمن تغيير الشيفرة البرمجية.
- احترم الآخرين وتقبّل أنّ قرارات البرمجة هي في بعض الأحيان آراء.
إنّ امتلاك طريقة سير عمل دقيقة ومُوثَّقة ومُتاحة للجميع يُبقِي جميع أعضاء فريق العمل عن بُعد متّفقين حول صيْرورة العمل حتى في غياب مكاتب وسبورات بيضاء.
الدرس السادس: وظّف بحذَر
أن توظِّف شخصا للانضمام الى فريق عمل عن بُعد هو تحدٍّ في حدِّ ذاته. ومع تزايد الرّغبة في الحصول على نمط حياة من دون تنقّل بالاضافة الى المرونة التي يوفّرها العمل الحرّ، صارت الوظائف عن بُعد تشهد اقبال آلاف المتّقدمين من جميع أنحاء العالم.
“كفريق عمل يعمل عن بُعد، أن يكون العالم بين يديك كمصدر للمواهب لا شكّ أنّه يفتح أمامك الكثير من الفُرص ولكنّه يمكن أن يجعل من مهمّة إيجاد المترشّحين ذوي الكفاءة العالية تحدّ صعبا. ستتلقّى حتما عدّة عروض وطلبات من أشخاص هَمُّهم الوحيد هو العمل من المنزل، ولهذا وجب عليك إيجاد طرق مبتكرة لفلترة المترشّحين.”
– Andrew Gobran (عمليات الناس، Doist).
إن الموظّفين الممتازين الذين يعملون عن بُعد يحتاجون إلى مهارات أخرى إضافة الى كونهم محترفين وذوي تجربة في اختصاصهم:
- قدر كبير من الاستقلاليّة والاعتماد على النفس
- مهارات تواصل كتابيّة عالية
- القدرة على إعطاء الاولويّة للحياة المتّزنة وتجنّب الإرهاق.
من أجل تقييم المرشّحين استنادا إلى هذه الصفات، يتبع الفريق في Buffer النّهج التّالي:
“نحن نبحث عن دليل ينمّ عن المبادرة وموقفٍ ذاتيّ التّوجيه، لأنّ العمل عن بُعد يمكن أن يوفّر قدرا كبيرا من الحريّة والمسؤوليّة. قد يكون من خلال تجربة عمل سابقة عن بُعد، قد يكون أيضا حجم الوقت الذي أمضاه في العمل الحرّ أو في وظيفة بعقد عمل، أو أن يكون مطوِّرا ذاتيّ التّعلم، أو أن يكون المترشّح قد مرّ بتجارب حياتيّة واسعة حيث كان عليه أن يتحلّى بحماس كبير. نُولِي أيضًا اهتمامًا كبيرًا لمهاراتِ التّواصل الكتابيّة والشفويّة طوال العمليّة، حيث تحرِص الفرق النّاجحة التي تعمل عن بُعد بشكل كبير على أن يكون كل شخص ينضمّ إليها متحدِّثا جيّدا.
- Joan Deitchman (كبير المهندسين، Buffer)
يمتلك فريق التّصميم في Help Scout عمليّة توظيف قوية تُقيِّم المترشّحين على أساس التّوافق الثّقافي، المساهمة، المهارات الأوليّة ومهارات التّواصل:
“لدينا منهجيّة عميقة إلى حدّ ما، حيث يمُرّ المترشّحون بمقابلات ثقافيّة وتقنيّة مختلفة ويُقدَّم مشروع التّصميم كخطوة نهائيّة. نحن انتقائيّون جدًّا بشأن الشّخص الذي يقوم بالاختبار، ويرجع ذلك أساسًا إلى أنّه هناك الكثير ممّا نطلبه من المترشّحين – لذلك نريد التأكّد من أنّ النّاس لا يضيِّعون أوقاتهم دون جدوى. المشروع نفسه عبارة عن موجز بسيط ( مدفوع ) لمدة 8 ساعات يتمحور حول تحسين طفيف في وظائف منتجنا ولا يتطلّب الكثير من المعرفة الخاصّة بالموضوع أو التّطبيق. كما نُتيح لمترشّحي Slack إمكانيّة طرح الأسئلة ونُطالبهم بمشاركة أفكارهم في منتصف المدّة، ثم تقديم نتيجة بعد 8 ساعات. من المفترض أن تُحاكَى ظروف العمل الفِعليّة لدينا قدرَ الإمكان بحيث يمكن للمترشّحين طرح كلّ أسئلتهم أيًّا كان عددها.”
- Buzz Usborne (مصمم رئيسي، Help Scout)
من خلال تصميم عمليّة توظيف تُقيِّم على وجه التّحديد بعض السِّمات الرئيسيّة للعاملين عن بُعد النّاجحين، يمكن للفِرق التي تعمل عن بُعد أن تتطوّر مع أعضاء الفريق الموثوق بهم في جميع القارات.
الدرس السابع: سلط الضوء على الثقة كقيمة أساسية
وفقًا لِكتاب العمل العميق (Deep Work) للكاتب Newport Call، أغلقت Yahoo سياسات العمل المرنة في عام 2013 لأن الرئيسة التنفيذيّة Marissa Mayer لاحظت ما كانت ترى بأنّه علامة حمراء:
“لقد اتّخذت هذا القرار بعد التّحقق من سِجلاّت الخادم للشّبكة الخاصّة الافتراضيّة التي يستخدمها موظّفو Yahoo لتسجيل الدّخول عن بُعد إلى خوادم الشّركة. استاءت Mayer لأن الموظّفين الذين يعملون من المنزل لم يسجِّلوا الدّخول بشكل كافٍ طوال اليوم. كانت، إلى حدٍّ ما، تعاقب موظَّفيها لعدم قضاء المزيد من الوقت في فحص البريد الإلكترونيّ ( أحد الأسباب الرئيسيّة لتسجيل الدخول إلى الخوادم ). وقالت: “إذا لم تكن مُنشغلاً بشكل واضح، فسَأفترض بأنّك لستَ مُنتِجا”.
يتعارض هذا القرار مع العمل العميق والتّركيز الذي يتطلّبه. كما أنّه فشل للثّقة. فبدلاً من منح الثّقة للموظّفين الذين كانوا مسؤولين أمام أعضاء فريقهم وقدّموا مساهمات قيّمة، استخدمت “ماير” النّشاط عبر الإنترنت كمؤشِّر على العمل الشاّق وكدليل على التّفاني.
يجب على الشّركات التي تريد أن تنجح بالعمل عن بُعد أن تقيِّم موظّفيها على أساس الإنتاجيّة، كما أنّ عليها أن تثق بأنّهم يقدّمون أفضل ما لديهم حتى يَثبُت عكس ذلك.
“هناك شركات تُدرك أنّ العمل عن بُعد يعتمد على الثّقة بالنّاس وتحفيزهم على القيام بعملهم بأفضل صورة، وهذا بغض النّظر عن الموقع أو المنطقة الزمنيّة. ثم هناك شركات أخرى تُجبِر الأشخاص على تثبيت برامج مخيفة تبدو وكأنّها اقتُبست من كتاب Orwell مباشرة – برنامج يأخذ لقطات شاشة وصور من كاميرات الويب الخاصّة بالأشخاص للتأكّد من أنّهم يعملون بالفِعل.”
- Thiago Duarte ( قائد فريق الواجهة الأمامية، Toggl)
إذا اُعطيت لك الفرصة لصياغة ثقافتك، فاختر الأولى. شركة Doist تعتقد أن المستقبل هو الثّقة وليس التعقّب.
“في Doist ، يبدأ كل وافدٍ جديد إلى الشّركة وهو محمّل بـ” خزّان “مليء بالثّقة. لمنع هذا الخزّان من أن يصبح فارغا، فإنّه يجب عليك التّواصل بانتظام. غالبًا ما يكون صمت عضو من الفريق مدمِّرا فوريّا للثّقة، ولكنّني بصفتي مديرًا، يجب أن أكون واعيًا جدًّا بشأن التّواصل – لأنّه سلاح ذو حدّين. يجب أن يكون تواصلي على وجه الخصوص مليئًا بالضّعف والتّعاطف والقيادة، بحيث يمكن لأعضاء الفريق المعنيّ تعلمّ أن يثقوا بي وبقُدرتي على فهمهم وقيادتهم نحو تحقيق أهدافهم.
- Brenna Loury (مدير التسويق، Doist).
إن الشّركات التي تعطي أولوية للثّقة وتعزِّز روح المسؤوليّة ستكون أفضل الأماكن للعمل فيها كما أنّها تحقق أفضل النّتائج. بدلاً من انتهاج سياسة التتّبع والإدارة الدقيقة، استخدم الأنظمة التالية:
- اُنشر تحديثات أسبوعيّة فرديّة تشارك فيها العمل المنجَز في الأسبوع السّابق وكذا العمل المخطَّط له للأسبوع القادم.
- اُنشر تحديثات الفريق الشهريّة لتقديم لمحة عامّة عن مساهمات القِسم خلال الشّهر.
- قيِّم الشّخص بناءً على مردوده وتأثيره، وليس على حسب عدد السّاعات التي يقضيها.
- استخدم “الصراحة الجذريّة” عندما لا يقدم شخص ما أخبر بأنّه سيفعله.
من خلال بناء ثقافة ثقة عالية على مستوى الفِرق التي تعمل عن بُعد، ستتوقّف الشّركات الموزّعة عن التّساؤل “كيف لي أن أعرف ما إذا كانوا يعملون” والتّركيز على “كيف يمكنني دعمهم ليقدِّموا أفضل ما لديهم؟”
الدرس الثامن: لا تتجاهل الجوانب السلبية للعمل عن بعد
تعرّضت حركة العمل عن بُعد عام 2013 لضربة قويّة
“إنّ التّواصل المستمرّ والتّعاون مهمّان جدّا اذا رغِبنا في أن يكون مكان العمل هو الأفضل على الاطلاق ولهذا فعلينا أن نعمل جنبا الى جنب. فمن المهمّ جدّا أن نتواجد كلّنا في مكاتبنا. إنّ أفضل القرارات التي نتخذّها -البعض منها- يكون مصدرها الحوارات التي تدور في الرّدهات والكافتيريات وخلال اللّقاءات مع أشخاص جدد وكذا أثناء الاجتماعات المرتجلة. يتم التّضحية بالسّرعة والجودة عندما نعمل من المنزل”.
يمثّل هذا المقتطف جزءا من مذكرة داخليّة تمّ إرسالها إلى العاملين في Yahoo ليعبّر عن التّخلي عن سياستهم المتعلّقة بالعمل من المنزل وترتيبات العمل المرِنة. بعد أن تولّت ماريسا ماير زِمام الشّركة التي كانت تمرّ بظروف صعبة رأت العمل عن بعد كعائق للنّمو والابتكار. بالنسبة لها ، كانت عودة الجميع إلى المكتب بمثابة خطوة في الاتجاه الصّحيح بهدف “أن تكون ياهو!”.
حَذت الشركة الرّائدة في مجال العمل عن بُعد IBM عام 2017 حذوها معلنةً أنّه على عشرات الآلاف من الموظّفين الذين يعملون عن بعد العودة إلى المكتب في خطوة تهدف على الأرجح إلى تحفيز الابتكار من خلال لقاءات الصّدفة غير الرسميّة وكذا زيادة تفاعل الموظّفين.
أثارت Arianna Simpson مؤسسة ASP والشريكة الإداريّة للشّركة عام 2019 جدلاً نشطًا عبر الإنترنت بهذه التّغريدة:
علّلت حُجّتها في بودكاست (حوار أجرته مع Matthew Mullenweg حول العمل عن بعد) موضِّحة أنّ الشّيء الذي لاحظته فيما يخصّ الشّركات التي تنجح في آخر المطاف هو ذلك الشعور القويّ بالمهمّة المشتركة والطّاقة المتبادلة وهو ما وجدت بأنّه صعب للغاية أن تُوجِد نظيرا له عندما يكون لديك أشخاص يعملون في مواقع مختلفة لأن شعور الزّمالة سيكون مختلفا.
كما تطرّقت الى موضوع الانتكاسة المهنيّة التي قد تنجُم عن العمل عن بُعد والوحدة التي تسببها العزلة قائلة “الموظّفون الذين لا يتواجدون في المكتب الرئيسي غالبًا ما ينتهي بهم الأمر إلى عدم الاستفادة من التّرقيات، أو بشعورهم بالانفصال كما أنّهم يحسّون بضغط أكبر، وينتهي بهم الأمر بالمغادرة لأنّهم في صومعة. “
سيكون من غير الحكمة بالنسبة للفرق التي تعمل عن بُعد أن تتجاهل هذه الدّراسات والحُجج. وبدلاً من ذلك، يجب عليها أن تأخذ هذه الحقائق في الحسبان، أن تفكِّر فيها بعمق وأن تُهَيكل شركاتها لتقليل عيوب العمل عن بُعد.
البقاء مبتكرًا
إن فكرة كون الابتكار والإبداع هما وليدا التّفاعلات العفويّة والمحادثات العشوائيّة ليست سوى جزء من القصة. لكي تكتمل الصّورة فينبغي التّفكير في أنّ الابتكار يحتاج مزيجا من لقاءات الصّدف غير الرسميّة والتّفكير العميق في عزلة. وهو ما يعرف بالابتكار المحوريّ الذي وصفه Cal Newport في كتابه Deep Work ويستخدمه Bell Labs لتطوير تقنيّات تغيير اللّعبة والفوز بجائزة نوبل.
من المحتمل أن تكون الفِرق التي تعمل عن بُعد والتي تتبنّى التّواصل غير المتزامن غير مستفيدة بالكامل من التّفكير الكبير والعمل الذي يأتي من التّركيز العميق. غير أنّه يمكنها الاستفادة أيضا من السّعي المتواصل للقاءات الصّدفة التي تُشعِل جذوة الابتكار.
فيما يلي نصائح لتحفيز الابتكار:
- أدرِج جلسات العصف الذّهنيّ المتزامنة والاجتماعات الافتتاحيّة في بداية المشاريع
- قم بإعطاء الأولويّة للخلوات الشخصيّة حيث يمكن للفريق التفاعل بِحُريّة ومناقشة الأفكار
- اجعل غالبيّة اتصالات الفريق الداخليّ عامّة ومتاحة للجميع للتّعريف بالمشاريع بين مختلف الأقسام
- خصّص ميزانية للمؤتمرات من أجل تشجيع الموظّفين عن بُعد على الالتقاء والاختلاط مع الأشخاص المتعلّقين بالمجال.
عزز ثقافة الشركة
تفتقر الفِرق التي تعمل عن بُعد لبَعض المظاهر التي توجد في الشركات ذوَات المكاتب الثابتة مثل: وجبات الغداء الجماعي، غرف المعارك في يوم الإطلاق واحتفالات الشّركة المميّزة وغالبًا ما يُنظر إلى المكتب على أنّه المكان الذي تظهر فيه ثقافة الشّركة. ومع ذلك، يمكن للفِرق التي تعمل عن بُعد بناء ثقافة مميّزة لشركتها.
في شركة Doist، تم إنشاء بيئة لا تتضمّن فقط العمل المتواصل. بدلاً من ذلك شُجِّع الجميع على التّحدث عن حياتهم والمشاركة في المحادثات الممتعة ، وذلك بشكل متزامن وغير متزامن أيضا.
تجد فِرق أخرى تعمل عن بُعد طرقًا مثيرة للاهتمام للبقاء على اتّصال وبناء ثقافة عن بُعد.
- تقيم Zapier حفلات افتراضيّة بعد ظهر الجمعة ويُعدّ هذا النشاط خاتمة لأسبوع العمل.
- تحتوي GitLab على استراحات القهوة الافتراضيّة حيث يمكن لأعضاء الفريق التّواصل فيما بينهم.
- أطلقت Buffer برنامج شراكة العقل المدبِّر Mastermind Partnership Program لربط الزّملاء فيما بينهم من أجل إجراء مناقشات عميقة.
لبناء ثقافة قويّة للشّركة التي تعمل عن بُعد فعليك ابتكار ممارسات وعادات فريدة وخاصّة بفريقك والأشخاص الذين يعملون معك.
فيما يلي نصائح لبناء ثقافة شركة تعمل عن بّعد:
- إنشاء مساحات على الإنترنت حيث يمكن أن تُجرى المحادثات بصفة غير رسميّة.
- تشجيع التّفاعل الاجتماعي بين الفِرق لتقليل العزلة والانطواء.
- إجراء مناقشات حول الهوايات المشتركة ( مثل الموسيقى والكتب والحياكة وألعاب الفيديو وما إلى ذلك ).
الإرهاق
بدون تمييز واضح بين مكان العيش ومكان العمل، غالبًا ما يجد الموظّفون عن بُعد أنفسهم يعملون باستمرار وغير قادرين على الانفصال فعليّا.
“يميل المطوِّرون إلى إرهاق أنفسهم بالعمل الشّاق لكي يُثبتوا لمُدرائهم أنّهم لا يستفيدون من العمل عن بُعد من أجل مشاهدة Netflix. غالبًا ما يَقلق المديرون حول الإنتاجيّة و حول ما إذا كان الأشخاص الذين يعملون عن بُعد سيعمَلون حقّا بجدّ. تُشير البيانات إلى أن العاملين عن بُعد هم أكثرالموظّفين إنتاجيّة، ويعملون لساعات أطول كما أنّهم أكثر عرضة للإرهاق. وبالتالي فإنّ”كيف أعرف أنّهم يعملون” ليس الشيء الذي يجب أن تقلق بشأنه. وإنّما “كيف أعرف أنّهم يحصلون على قسط كافٍ من الرّاحة؟”.
- Joan Deitchman (كبير المهندسين، Buffer).
فيما يلي بعض النّصائح للتّعامل مع الإرهاق:
- ضع سياسة إجازة سخِيّة تسمح للموظّفين بأخذ قسط من الراحة.
- شجِّع أعضاء الفريق على استخدام كامل الوقت المخصص لعُطلتهم كلّ عام.
- يجب على المديرين تقييم عبء العمل باستمرار والتأكّد من عدم إرهاق الأفراد والفِرق.
الركود الوظيفي
هناك افتراض بأنّ العمل عن بُعد يمكن أن يكون له تأثير سلبيّ على حياتك المهنيّة. يمكن أن يكون هذا هو الحال بالتّأكيد في البيئات التي تعد العمل عن بُعد كليّا أو حيث يوجد عدد قليل من الأعضاء في الفريق الذي يعمل عن بُعد. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي التسلسل الهرَميّ الوظيفيّ المنخفض لبعض الفِرق التي تعمل عن بُعد إلى جعل التقدّم الوظيفي أكثر صعوبة. وأشار مقال نشرته مجلة هارفارد بيزنس ريفيو إلى أن “العمّال الذين يمكثون لفترة أطول في نفس الوظيفة بدون تغيير لقب من المُرجَّح أن يغادروا إلى شركة أخرى بُغية الانتقال الى الخطوة التالية في حياتهم المهنيّة”.
على الشّركات أن تبذل مجهودا كبيرا حتّى توفّر للموظّفين الذين يعملون عن بُعد مسارا قابلا للتّقدم لكي تجعل العمل عن بُعد جديرا بالاهتمام.
فيما يلي بعض النصائح لتجنّب الرّكود الوظيفي:
- إنشاء سلالم مهنيّة فرديّة للمساهمين والمديرين.
- جعل التّرقيات خاصة بالموظّفين الثّابتين والموظّفين الذين يعملون عن بُعد على حدٍّ سواء.
الوحدة والعزلة
العمل من المنزل يمكن أن يُخلِّف شعورا بالعزلة وعدم الارتباط وغالبا ما يشعر الموظّفون عن بُعد بمشاعر الاكتئاب والقلق. كن استباقيًا في معالجة هذه المشكلات التي الممكن أن يعاني منها فريقك الذي يعمل عن بُعد.
“أعتقد أيضًا أن العزلة والقلق والاكتئاب أكثر شيوعًا في العمل عن بُعد وأنّ الموظّفين عن بُعد بحاجة إلى التّخطيط وتنظيم أيّامهم لمكافحة هذا ( على سبيل المثال: من خلال العمل في مكان عمل جماعي، أو الحصول على حياة اجتماعية غير مرتبطة بعملهم ).”
– Amir Salihefendić (المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Doist)
فيما يلي نصائح لمنع الشعور بالوحدة والعزلة:
- وفّر ميزة تمكِّن أعضاء الفريق الذي يعمل عن بُعد من الانضمام إلى مساحات العمل المشتركة.
- تحدَّث بصراحة وأمانة عن الصّحة النّفسيّة في العمل.
- خصِّص “أيام الصّحة العقليّة” أو أيّام المرض التي تخدم نفس الغرض.
يمكننا تعلم دروس مهمّة جدّا من النّجاح والفشل على حدٍّ سواء. قصص من الصّالات الدّاخلية لشركة Yahoo! كما انّه على شركة IBM ان لا تخوِّف الفِرق من العمل عن بُعد. وبالتّوازي لا ينبغي أن يكون التّأييد من الفِرق التي تعمل عن بُعد – الكبيرة والصغيرة – دافعًا لتوقيف إيجار مكتبك وبيع أثاث الشّركة. بدلاً من ذلك ينبغي رؤية العمل الموزّع بعين ناقدة ومفتاحُ ذلك التّفكير بعمق في الأساليب النّاجحة والأخرى غير المُجدِية.
من خلال مشاركة ومناقشة كل من أخطاء العمل عن بُعد وانتصارات الفرق الموزّعة، نكون جاهزين أكثر لإدارة كل ما يخبِّئه لنا مستقبل العمل.
المصدر: أكاديمية حاسوب